إهداءٌ / سارة عربيات

إهداءٌ
إلى : المناضلين الذين قلّبتهم ظروف الحياة كصفحات كتاب، أو كأوراقٍ أسقطها الخريف فأصبحت على جانب الطّرقات، تسمع من حفيفها أنين المعاناة، لتحملها الرّيح بلا مُقاومة منها فقد أتعبتها المقاومة فاتّخذت المُسايرة نهجاً لإكمال هذه الحياة .

((أَبٌ لثلاثة أطفال، منهم توأمٌ متلحّفةٌ لآلِئ أسنانهم البيضاء ، مُختبئةٌ تأبى الظهور إلى الآن ، و طفلةٌ ما زالت تستخدم قلم الرّصاص بحلّ واجبها المدرسيّ ، متّخذةً من حائط غرفتها مَعرضاً فنيّ ، يجسّد جهودَها في حصّة الفَن ، و زوجةٌ تعتبر منبعاً للسّعادة ف لولاها لَما سايَر هذه الحياة ، و لولاها و لولا العائلة لَما قاوَما معاً و تجرّعا المعاناة و اقتسما التّعب و حَمَلا على كاهليهما إقامة منزلٍ يجمعهم بينما جميع الظّروف تسير عكس التّيّار .
و هو السّهر قد أتعب عينيه، و ما زادَ إلّا قلّة حيلته، و أصبح يرتشف من كوب قهوته المرّة كمرارة الأيام التي عاشها و يحترق مع نوكيتين سيجارَته أملاً بانتهاء كابوسه الذي يسمى “الحياة” ، تتسابق قدماه من أجل الوصول إلى دُكّانه أو ما تسمى “بسطته” -لكنّ هنالك أملٌ بالتّسمية الأولى :))- ، و تبدأ المكافحة من أجل رزقه و قوت أولاده، فتتعالى أصوات مَن هم حَوله فيختلط صوته معهم، لتتشكّل من اختلاطها قصيدة مستوفية عن الحياة و الرّغبة بعيشها حتى و إن أتعبتهم ، و من أجل أن يعيشوها و إن كانت ميّتة!! ، و الذي يجعلهم أحياءً أنّهم ما زالوا يتنفّسون! ، فقد ماتوا مرةً و هم أحياءٌ يتجرّعون سمّها و همّها و متطلبات عيشها، و سيموتون مرّةً أخرى مُعلنين انقطاعهم عن هذه الدُّنيا !.
بعد اختراق شُعاع الأمل الخجول حِصناً من الغيوم السّوداء ، تأتي الأمانة بكل بساطة تجتثّ ما استطاعت من “بسطاتٍ” حملت معها بساطة مالكيها ، ليجتثوا مستقبل و حاضر معيشتهم!! و كأَنّ فساد الوطن و سرقة الوطن، من أيادي مَن تغاضوا عن القانون من أجل حياتهم و رزقهم!! و كأنّهم هُم خُوّان الأمانة! ، و كأنّهم هم سبب بلاء الوطن! ، و بِما ابتُليت أَيّها الوطن؟!!.
فما كان له إلا أَن يرفع أكفّه داعياً أَن تنفرج كُربته، و أَن ينتهي كابوس معيشته الأليم! و ابنته بمدرستها رافعةً رأسها لتأدية التّحية لعلم وطنٍ أُمناؤُه هم سارقونه!! و كأَنّ الحياة فقط تَكُن لمغتصبي مقدّراته و سالبي حياة أبنائه!! و النّعيم لمُرهِقي المواطن بالضّرائب! و ممثّلي مُرهَفي الوطنيّة ! فكأنّ الدّيون و الغرامات أوصَدت أبواب الحياة !
-لكن-..
ما يزيده إصراراً أَنّ هذا الوطن لنا!، نحن الذين ندافع و نستشهد و ندفع من أجلنا و من أجله !! لأَنّ الوطن يستحق بأَن يُعمر بحبّ شعبه مِن أجل شعبه، ، ف حدوده الصّغيرة تجمع فيه شعباً شريانه يَأبى لأيّ أحدٍ أَن يمسّه، فالوطن هو الشّعب و الشّعب هو الوطن! ف نحن الوطن و نحن رسالة الحياة.))

#سارة_عربيات..

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى