الاردن: الفساد كمحرك اقتصادي عالمي

الاردن: الفساد كمحرك اقتصادي عالمي
د. ابراهيم سليمان العجلوني

يعرف الفساد أنه سلوك غير أمين من قبل من هم في مواقع السلطة ، مثل المديرين أو المسؤولين الحكوميين. يمكن أن يشمل الفساد تقديم أو قبول الرشاوى أو الهدايا غير المناسبة، والمعاملات المزدوجة، والمعاملات تحت الطاولة، والتلاعب بالانتخابات، وتحويل الأموال، وغسل الأموال، والاحتيال على المستثمرين؛ وبالتالي فإن الفساد يعوق النمو الاقتصادي ويؤثر على العمليات التجارية والتوظيف والاستثمارات، ويقلل من الإيرادات الضريبية وفعالية مختلف برامج المساعدة المالية، وتختلف أشكال الفساد ، ولكنها تشمل الرشوة والابتزاز والمحسوبية والمحسوبية والأبرشية والمحسوبية والكسب غير المشروع والاختلاس ويسهل الفساد المشاريع الإجرامية مثل الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال والاتجار بالبشر، رغم أنه لا يقتصر على هذه الأنشطة، تعاني العديد من البلدان ذات الاقتصادات الناشئة من مستوى عال من الفساد يؤدي إلى إبطاء تنميتها الشاملة والمجتمع بأسره نتيجة عدم كفاءة تخصيص الموارد، ووجود اقتصاد الظل ، والتعليم والرعاية الصحية المنخفضة، الفساد يجعل هذه المجتمعات أسوأ حالًا ويخفض مستويات المعيشة لمعظم سكانها، الأردن في المرتبة 60 من بين 180 دولة ، وفقًا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2019 الذي نشرته منظمة الشفافية؛ تم تحديث تصنيف الفساد.
رئيس البنك الدولي عام 1996 جيمس وولفنسون في احدى لقاءاته قال: “إن الفساد يحوّل الموارد من الفقراء إلى الأثرياء، يزيد من كلفة إنشاء الأعمال التجارية، يحرّف مسار الإنفاق العام، ويردع المستثمرين الأجانب”. وشبهه بالسرطان، وبهذا الكلام نشر لقيم النزاهة ومساءلة المؤسسات بما أنه لم يعد من المقبول تجاهل الفساد الحكومي لأسباب تتعلق بالتناغم الجيوسياسي، وفي عام 1998، ميشال كامدوسيه رئيس صندوق النقد الدولي الذذي تلاه، ، حديد رقم للفساد، ما بين اثنين إلى خمسة في المئة من المال العالمي يتدفق من منابع إجرامية فتخيل كمية هذا المال، ومكان مصدره!
لايوجد بيانات عالمية موثوقة لمدى انتشار الفساد، وهو يمنع أي إجراء قانوني ضد المتورطين لان أغلبهم إما صناع قرار أو مستفيدون منه في مراكز الحكم والقوى الساسية، بمَن فيهم شركات ودول دأبت على دفع الرشى مقابل المشاريع أو المواقف الوطنية والسياسية، وإجراءات تم تنفيذها، كما أن الملاحظ أن الحكومات، والجامعات، وجماعات التفكير والمبادىء بجميع مدارسها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ليس لديها الموارد المطلوبة للقيام بالأبحاث أو لا تريد لانها جزء من المنظومة الاكبر وإن احسنت الظن، فقد فشل الصحفيين والأكاديميين والاصلاحيين في عرض حجم المشكلة بالمستوى الذي تشكله، لكن بالنتيجة أدى إلى عدم إعطائها الاهتمام الكافي من الرأي العام والشعبي لعدم وجود او اخفاء الحجم والالة، ويبقى الأشخاص النافذين حول العالم يقلقون من عملية ملاحقة المال القذر وهذا يدفعهم دائما إلى اتخاذ خطوات لإدامة الجهل العام بما يحدث لانهم يشكلون لوبيات عالمية واقليمية ووطنية وتلتقي مصالحهم بالنهاية وما يرى النور من البحث والمعلومات التي تنشر حول الفساد تكون مضللة أو جرئية ومنتقاه لاغراض الضغط الآني على اشخاص إما من داخلهم أو أعداء لهم تورطوا بحسن النية او الجهل الفني والاداري لاستمرار ابتزازهم وتخويف اشخاص اخرين والتحكم بالقرارات داخليا واقليميا باستخدام هذه المعلومات كقنابل لفرض السيطرة أو الفوضى داخل الدول.
مؤشر مدركات الفساد الدولي التابع للشفافية الدولية (CPI) لمستوى الفساد في دولة معينة وفقا لإفادات الخبراء ورجال الأعمال، و يعتبر مرجعا بخصوص الفساد. وللاسف المؤشر يأخذ فقط القطاع الحكومي مركزاَ على “استخدام المسؤولين لمناصبهم العامة لأغراض شخصية”. و لا يأخذ في اعتباره، التدفق المالي الممنوع وغسيل الأموال وما تسميه الشفافية الدولية “ممكّنو الفساد”. واعتماداَ عليه فإن الجهة الوحيد التي تشارك في الفساد هي الجهة التي تقبل الرشوة وهو بالمفهوم الموظف مهما كان منصبه ولا يوضح المؤشر الجهات الخاصة المستفيدة والمحركة للاقتصاد اصلا.
إن وجود عالم خالٍ من الفساد أمر حاسم لتعزيز سيادة القانون وتحقيق غايات العدالة وضمان تقدم المبادئ الأساسية لمجتمع عادل، بما في ذلك حالة عادلة من العمل والنزاهة والشفافية والموضوعية في كل من الجمهور والقطاع العام والخاص.

لابد للجهود الرامية إلى القضاء على الفساد العالمي وتحقيق التنمية المستدامة ، في جوهرها ، مشاركة وإشراك الشباب مشاركة كاملة في جميع المراحل، بصفته الجيل القادم من القادة السياسيين ورجال الأعمال والموظفين المدنيين والمربين والعاملين في المجتمع، يمثل الشباب النسيج الأساسي للمجتمع، لقد وضع البنك الدولي ثلاث مقترحات للتخلص من الفساد للاجيال القادمة وهي التركيز على التعليم وخلق ثقافة النزاهة وتعميم المساءلة.
الفساد يزيد التكاليف وبالتالي الاسعار مع منتجات او خدمات ذو جودة رديئة من خلال طريقة عقد الصفقات ، أو منح العقود ، أو تنفيذ العمليات الاقتصادية ، يؤدي إلى الاحتكارات أو احتكار القلة في الاقتصاد. يمكن لأصحاب الأعمال الذين يمكنهم استخدام صلاتهم أو أموالهم لرشوة المسؤولين الحكوميين التلاعب بالسياسات وآليات السوق للتأكد من أنهم المزود الوحيد للسلع أو الخدمات في السوق، يميل المحتكرون إلى الحفاظ على أسعارهم مرتفعة ، لأنهم لا يضطرون إلى المنافسة ضد مقدمي الخدمات البديلة، ولا يضطرون إلى تحسين جودة السلع أو الخدمات التي يقدمونها لانه ليس لديهم منافسة كبيرة.

إن تلك الأسعار المرتفعة هي جزء لا يتجزأ من التكاليف غير القانونية للمعاملات الفاسدة التي كانت ضرورية لإنشاء مثل هذا الاحتكار. على سبيل المثال ، إذا اضطرت شركة بناء المنازل إلى دفع رشاوى للمسؤولين لمنحهم تراخيص للعمليات، فستنعكس هذه التكاليف المتكبدة، في أسعار الإسكان المرتفعة بشكل مصطنع.
اول القطاعات المتاثرة بإنتشار الفساد هي التعليم والصحة كتأثير سلبي على جودة التعليم والرعاية الصحية المقدمة في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة حيث يزيد الفساد من تكلفة التعليم في البلدان التي تلعب فيها الرشوة والروابط دوراً هاماً في توظيف القيادات التربوية والتعليمية واساتذة الجامعات والمعلمين وترقيتهم. نتيجة لذلك، تنخفض جودة التعليم أيضا، يؤدي الفساد في تعيين مقدمي الرعاية الصحية وتعيين الموظفين ، وكذلك شراء اللوازم والمعدات الطبية السيئة او ذات الجودة المنخفضة ، في الاقتصادات الناشئة إلى عدم كفاية العلاج في الرعاية الصحية والإمداد الطبي دون المستوى أو الرديء، مما يقلل من الجودة الشاملة
اردنيا: مكافحة وليس محاربة الفساد يجب ان تكون فكر وطني لذا ونحن مقبلون على فرصة ذهبية لن تتكرر هذا العام رغم كل الصعوبات والتحديات الاقتصادية والسياسية متمثلة بالداخل والاقليم والعالم وهذه الفرصة هي عبارة عن إستحقاقات دستورية يجب أن يتم العناية بها وعدم تأجيلها وهي الانتخابات البرنمانية وتشكيل حكومة جديدة إن الجدية في تكوين مجلس نواب حقيقي وقوي سيخلق حكومة قوية سياسيا وفنيا وإقتصاديا لان من أهم واجبات البرنمان الرقابة التي تفرض عليه اولا اختيار الحكومة القوية برئيسها ومجلسها ليكونوا خلاقين ولا ننسى أن المصائب والازمات هي من تفرز الدول القوية، حمى الله الاردن.
ابراهيم سليمان العجلوني
إستشاري وباحث إدارة مشاريع
كاتب أردني
0797440433
ibr-ajl@rocketmail.com

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى