محمد العامري يتأمل «صورة الإرهاب والعنف في الفن التشكيلي»

نظمت رابطة الكتاب الأردنيين، وبالتعاون مع مركز  تعلم واعلم  للأبحاث والدراسات، في مقر الرابطة، مساء أمس الأول،  محاضرة تحدث فيها الشاعر والفنان التشكيلي محمد العامري عن «تمظهرات العنف والإرهاب في الفنون التشكيلية»، أدار الندوة وقدم المحاضر الدكتور أحمد ماضي وسط حضور من المثقفين والمهتمين. واستهل العامري محاضرته قائلا: لم تخل حياة الإنسان من عنف عبر وجوده منذ بدء التاريخ، فقد تنوعت صور الإرهاب والعنف كالإرهاب الفكري والعنف الجسدي وصولا إلى العنف المجتمعي، إنه التهديد المباشر لوجود الإنسان وكينونته، فمعظم الذين يطالبون بالاختلاف على شتى أنواعه يتعرضون لإرهاب مركب ومتنوع،عبر التهديد أو التصفية الجسدية أو السجن. وبيّن العامري حين قال: فمنذ أن كانت الضحية تقاد إلى المذبح كقربان للآلهة ،كان الإنسان ضحية معتقدات سادت في تلك الحقب، فقد دفعت الضحية سيلا من الدم جراء ذلك، لافتا النظر إلى أننا نعيش اليوم في أزمان مركبة اختلطت فيها العصور، فهناك سلوكيات تنتمي لعصور غابرة إلى جانب رفاهية التكنولوجيا التي اجتاحت الأرض، كما لو أننا أمام ارجوحة تاريخية تذهب بنا الى الوراء ثم تلقي بنا الى آخر ما توصل اليه العلم، سوريالية الإنسان المعاصر الذي يمكث في صندوقه الالكتروني، ليشتبك مع عوالم صادمة شكلت وعيه الانساني الجديد، فاصبح في حيرة من أمره في المقاربة بين الخطأ والصواب. ويرى العامري، حين قال: فلم يكن الفن بمنأى عن تلك التحولات، حيث حبرت الروح الإنسانية عبر الفن منجزات هائلة تنقد تلك السلوكيات اللإنسانية، وأذكر هنا ما ذهب اليه فرانشيشكو دي غويا في لوحة «الاعدام رميا بالرصاص»، الذي قدم من خلالها غويا كشفا مهما عن أعمال نابليون بونابرت في إحتلاله لأسبانيا، وقام بقتل من يقف ضده، حيث شكلت اللوحة مادة فاعلة لإدانة بونابرت على مدى التاريخ، وإلى يومنا هذا واللوحة تعرض الآن في متحف دي برادو بمدريد. ويؤكد العامري أن الإرهاب والحروب بشتى أنواعها سواء كانت أهلية، أو من قبل عدو خارجي كانت مصدرا مهما للمقاومة عبر الإبداع الإنساني، بل وشاهدا على تلك المآسي التي خلفتها الحروب، فأصبحت تلك الأعمال وثائق بصرية دائمة تتحرك في وجدان الاجيال، عبر الحوار والمشاهدة والكتابة عن تلك الأعمال الخالدة، مشيرا إلى ما فعله الفنان الإسباني الشهير بابلو بيكاسو في لوحة الغيرنيكا يعد إنتصارا للفن ضد الإرهاب وضد أفعال فرانكو تحديدا، والذي إستوحاها بيكاسو من قصف مدينة غورينيكا من قبل الطائرات الألمانية والإيطالية في العام 1937، وأصبحت معلما للتذكير بمآسي الحروب وتجلياتها السوداوية على الإنسان. ويوضح العامري بأن هناك الكثير من الفنانين الذين نبذوا الحرب بوصفها آلة للدمار والتخريب، ووقفوا ضد ما يمارس على شعوبهم من إرهاب منهم: الفنان الفلسطيني إسماعيل شموط وسليمان منصور والعناني وغيرهم،  وكذلك الكويتي سامي محمد والإنجليزي ماكس في لوحته (الانجليزي القتيل)، والسوري يوسف عبدلكي وآخرين كثر، فشموط قدم جملة من آثار الإحتلال الصهيوني عبر مجموعة من الأعمال الفنية، بل كرًس جل تجربته في كشف عورة الإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الفلسطينيين، تخصيصا في لوحته (إلى أين)، وهي تبين رحلة الفلسطيني في مجهول الشتات وتركه لأرضه قسرا جراء ارهاب الإحتلال. وأضاف العامري قائلا: يذهب السوري يوسف عبدلكي الى نقد إرهاب السلطة السياسية، من خلال مجموعة من الأعمال بالأسود والأبيض، أعمال تحمل في تفاصيلها تراجيديا جارحة ومؤثرة في طريقة تعبيريتها عن مواضيع التعذيب والسجن وظرف الإنسان الحُر في السطات السياسية، حيث يظهر السلام المقتول عبر رمز الحمامة الذبيحة، وكذلك الشخص المقتول المضرج بدمائه. وختم العامري محاضرته بإلاشارة إلى الفنان الكويتي سامي محمد، الذي يذهب إلى مناخات أخرى عبر اظهار صورة الإنسان المقاوم للظلم والاضطهاد، فمعظم أشخاصه يتحركون ضمن حالة التخلص من القيود ، أو الخروج من الجدران الصلدة للحصول على الحرية ، فدائما نجد منحوتاته يتمظهر فيها الإنسان في وضع مأساوي محاولا عبر صراع صعب التخلص من حالة المأساة التي يمكث فيها العربي، الصراع المستمر في البحث عن فضاء إنساني جديد، فقد حقق في أعماله حالة القلق والتوتر في شخوصه والتي تنعكس على المشاهد مباشرة .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى