صكّيك العملة / يوسف غيشان

صكّيك العملة

الطفر ضرب أطنابه، المديونية ترتفع بمتوالية هندسية، الحكومة تعبانة ماليا، لذا انصحها بالعودة الى قرش الدمدم…. فما هو قرش الدمدم.
كان لكل حارة قرش دمدم، أو ربما كانت تشترك حارتان في قرش دمدم واحد. فلم نكن نملك الترف في استعمال أكثر من قرش، او تبديل هذا القرش، وهو بالمناسبة لدى علماء التصويب أفضل بكثير من أغطية الجازوز أو (أقماع السجائر) او عيدان الأسكيمو والدورادو، التي كان لا يجيد اقتناصها الا الندرة.
بالطبع انا اتكلم عن بارودة الدمدم، التي كان يمتلكها احد اطفال الحارة لسبب ما، فيصبح ملك الحارة، ولما كانت مواسم العصافير محدودة، فإن اللعب كان يتألق حينما يتكرم احد الأطفال-غير صاحب البندقية-ويتبرع بقرش احمر كبير من اجل التصويب عليه ببارودة الدمدم…!!
طبعا تعرفون ان هذا القرش سوف يتعرض لخدوش متعددة من الطلقات(يتطرمج)، ويصبح من الصعوبة بمكان تسويقه او تسييله الى ملبس حامض حلو أو (عرام) قضامه. لذلك يتم تثبيت هذا القرش كمتعرض دائم للطلقات يوميا، حتى لا يتم تخريب قروش اخرى (ان وجدت). فيصير هذا القرش ملكية عامة لأطفال الحارة وربما تتم اعارته الى حارات اخرى عند نفاذ الطلقات، مقابل التصويب عليه عدة مرات.
وفي حالات الطفر الشديد كان الطفل صاحب القرش يستعيد ملكيته الخاصة على القرش وينطلق الى أكبر الدكنجية عمرا وقصر نظر، ويحاول تمرير القرش عليه وتسييله الى بضاعة. وكان ينجح أحيانا، مرّة القى التاجر القبض على طفل منا قام بتلبيس قرش الدمدم بالقصدير، بغية تصريفه على أساس انه بريزة، لكن الدكنجي ألقى القبض عليه -من أذنه تحديدا-وصار يصرخ بملء صوته:

-صاير إتصكّ عملة يا لعين الوالدين!
لكن ما علينا!!
الآن كثرت القروش وصارت تملأ جيوبنا – اقصد القروش تحديدا -لكن قوانين الحارة القديمة انعكست، وبدل ان تصوب الحارة كلها على قرش واحد أحد، صارت هناك حكومات تصوب وتطلق الدمدم على كل قرش موجود في جيب المواطن.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى