“صفقة القرن” مُستوحاة من “صفقة لويزيانا” في الفكر الامريكي

“صفقة القرن” مُستوحاة من “صفقة لويزيانا” في الفكر الامريكي

ليس من الحكمة ان يمتطي انسان وسائله ولا يعرف معنى قيادتها ويهاجر ولا يعرف لما هاجر اليه ، ومع اقتراب مؤتمر البحرين الذي سيعقد في ٢٥ و ٢٦ عام ٢٠١٩ لا يعرف المشاركون برنامج المؤتمر، ولا يعرفون غير التنادي اليه، ولا يعرفون لما سيهاجرون اليه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نتحدث عن احداث لم تحدث بعد، وعن سناريوهات تعتمد على القبول والرفض في المنطقة ووجهتها السياسية غير محددة ومعروفة.
بالرغم من أن المؤتمر له اجندة مجهولة الا أن من الحكمة ربطه بالتصعيدات الأخيرة في الخليج العربي حيث تتزامن مع اقتراب موعد المؤتمر، وبعيدا عن نظرية المؤامرة، فإن
اسرائيل هي من تفتعل التفجيرات في الخليج، بالاضافة الى عناصر مليشاوية لا يهمها ما تفعل لأنها لا تمثل دولة وطنية تمتلك وحدات بشرية متماسكة من أمثال المتنمرين من الحرس الثوري الخارج على ادارة حكومته او من أمثال اذرع المليشيات في المنطقة حيث يجدون التسهيلات الاسرائيلية لممارسة التخريب في مياه الخليج فرصة تاريخية ،فالحرب هنا هي مشروع اسرائيل، وهي تبتز الادارة الامريكية قبيل الانتخابات القادمة، والوقت الحالي هو افضل فرصة للقضاء على آخر معاقل الدولة الوطنية العربية، فلو اطلقت ايران الاف الصواريخ على منطقة الخليج فستكون الفائدة لايران معدومة سياسيا واقتصاديا، وايضا لو هاجم العرب ايران فستكون القائدة معدومة امنيا بسبب الافتعالات المتلاحقة الاسرائيلية ،لكن بالنسبة لاسرائيل، فمؤتمر البحرين هو بمثابة شراء ولايات عربية كما اشترت امريكا ولايات كولونيالية فرنسية في الجنوب والشمال الامريكي وما بات يعرف “بصفقة لويزيانا ” فنظرية شراء الولايات ما زالت متعمقة في الفكر الامريكي لمساعدة الاسرائيليين ، وما حصل في الماضي يحصل اليوم،فقد اشترت امريكا مدينة نيو اورليانز وتبعتها ولاية لويزيانا من فرنسا بسبب ظروف فرنسا الاقتصادية والثورات التي حدثت آنذاك، وتابعت امريكا في شراء ١٥ ولاية(من الشمال للجنوب من ولاية نورث داكوتا وولاية مونتانا في الشمال الى ولاية لويزيانا في الجنوب) ومقاطعتين كنديتين مقابل ١١ مليون دولار، وايضا تنازلت امريكا عن ديون فرنسا بما يعادل ٤ مليون دولار .
الافتعالات السياسية الاسرائيلية في المنطقة تتوافق مع الافتعالات التفجيرية الاعتراضية في الخليج في ظل غيبوبة ايران السياسية والاعتمادية العربية على امريكا، الشعوب العربية كانت تسمع في السابق بعقد قمم عربية على الاقل تشجب وتندد الاحداث الجارية، لكنها اليوم تنتظر ما يقرر عنها في مؤتمرات قادمة لا تعلم مآلاتها، فمن الخيبة بمكان، أن تنتظر لترى وأن لا تفكر فيما تعمل، فهندسة السياسة تحتاج الى ابتكارات قبل حدوث الطاريء والمتطور في آن واحد.
اليوم وفي ظل الظروف الحالكة اصبحنا بحاجة لمبادرات ذاتية الدفع تدفع بنا نحو الحوار في المنطقة العربية لايجاد صيغة موحدة لمقاومة الابتداع السياسي الاسرائيلي ،وايضا بعد النظر في حساب من هو المتضرر من نشوب حرب لا فائدة منها الا التقسيم من خلال التناوش من مكان بعيد ولا انتصار يتحقق على الارض .
كان في الماضي هنالك عقيدة سياسية وعسكرية لكل حاكم وامبراطور واليوم نعود الى عصر الكنتونات السياسية والأزقة الفهلوية والبهلوانية السياسية لتناول الاحداث إما من خلال شخصيات فردية مكروهة، او من خلال سفارات مقلدة وتابعة تصطنع لنا سياسة القدرة الناقصة والعرض المتتالي الدعائي دون نتيجة .
خلاصة القول ان دول المنطقة عربا وعجما بحاجة ماسة لأن يجتمعوا لكي يضعوا النقاط على الحروف قبل انعقاد المؤتمرات وقبل تصاعد اعتراض الناقلات فإذا شعرت اسرائيل أن المنطقة اجتمعت فسوف تجتمع مع نفسها وسوف ينحصر اداؤها في الداخل، فمجاميع التفرقة في المنطقة هي مجاميع توحيد للدولة اليهودية الطارئة. إن الاشتباكات المباشرة بين السياسة والاقتصاد والمناوشات المفتعلة العسكرية في الخليج العربي تحتم على دول المنطقة الاجتماع قبل مؤتمر البحرين والخروج ببيان رسمي يذيب الخطة الاسرائيلية قبل بدءها ويضع حدا لحرب الناقلات ويرفض الدولارات ومسح الديون مقابل الارض ، ففي الأمس كانت “الارض مقابل السلام” واليوم اصبحت الأرض مقابل الدولار!!

Alzghoul_kamal@yahoo.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى