يحدث أن تُذنِب يا صديقي، لكنك لم تخرُجْ بعدُ من صفة البشرية، هم كذلك، كلهم مذنبون، كلهم ضعفاء، جميعهم يعجزون، جميعهم قاصرون؛ لذا لا تقلق، فقسمًا بمَن وسِعت رحمته كل شيء، لن تُعدَم خيرًا.
يقع منك يا صديقي أن تكرَّ وتفرَّ على ذنبك، فما زلت كذلك، فالأمر في سَعَة، لكن إياك أن تبقى كرَّارًا على ذنوبك، بل كن هكذا على هواجس نفسك، وابقَ ما استطعت فرَّارًا نادمًا تائبًا منها.
يحدث يا صديقي أن تُوحِّد ربَّك، وتمضي بلا صلاة، ولا زكاة، ولا صوم، ولا أمر بالمعروف، ولا نهيٍ عن المنكر، فوالله لا تستوي الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحَرُور.
يجري يا صديقي أن تفعلَ الخطيئة مرَّات وكرَّات، ويحدث أن تتجاهلها أو تتغافل عنها أو تتناساها، فلا تقف عندها، ولا يرتعِدْ قلبُك لها، بل تُضحِي عادةً تعتادها، وربما تفرح بفعلها، وربما تراها صغيرةً في قلبك، لكنها كبيرة عند ربك، فما تزال تصغُرُ في عينَيْك، فتكبُرُ عند ربك، فما تزال على عهدِك بها حتى يُطبَع بها على قلبك.
ويحدث يا صديقي أن تُراوِح بين ذنبك وتوبتك دون ترتيب أو قصد، ثم يستيقظ قلبك فتنفض عنه غبارَ المعصية، فتشعر عندها كم كنت مسرفًا على نفسك! وكم كنت جاحدًا لربك! فتذرف الدموع، فتُقسِم على استحالة الرجوع.
فتكتشف بعد ذلك أن زوبعةً أحاطت بقلبك، فتعلم ضعفَ يدك في نفض غبار قلبك، فيعود قلبك للمعصية محبًّا، بها متمسكًا، عليها عاضًّا، فما إن تُشبِع شغف قلبك القاسي تسرق النفس بعضًا من الهدوء، فتعود الدموع! وتُقسِم على استحالة الرجوع!
وبعدُ يا صديقي؟
والله، إني أخشى عليك نارًا تلظَّى، وأخشى أن يقول لك الرسول: بُعدًا وسحقًا.
لكن من أجل مَن لا تتوب؟ أمن أجل شهوات حقيرة؟ أم من أجل آمال صغيرة؟
أرجوك يا رفيقي، تُبْ وعُدْ يا صديقي.