أنبكي وطناً لم نَصنهُ ! / م . عبدالكريم أبو زنيمه

أنبكي وطناً لم نَصنهُ !

ننامُ كل ليلةٍ ولسانُ حالنا يلهجُ بالدعاء والتضرع للهِ عَزَّ وجل بأن يستُرنا مِن الغَد ، فلا نلبث إلا أن نُفجعَ بجريمةٍ أو فضيحةٍ جديدة ، كان آخرُها جريمة سرقة التيار الكهربائي ذو الضغط العالي ، يا تُرى هل كان سيتجرأ هذا اللص أو غيرهِ على الإتيانِ بهكذا أفعال والتجرؤ على سرقةِ المالِ العام لو كانَ يمتلك أدنى شك بأن عِقاباً رادعاً سيكونُ بانتظاره ؟ مَن الذي يَدفع ثمن هذا التسيُب والتساهل مع ناهبي المال العالم ؟ أليس المواطن ؟ ألا تُضافُ هذه الخسائر في المال العام ضرائباً تُنهك وتُثقل كاهل المواطن البائس !

إشغالُ المواطن بالجري اللاهث وراء لُقمة العيش ، إستراتيجيةٌ مُنظمة تَهدُف إلى قَطع أنفاسه وطأطأة رأسه ليظلَّ مُنشغلاً عما يدورُ مِن حوله ، وليُفرِطَ بأحلامهِ وقيمهِ وثوابتهِ الوطنية ، خِدمةً للمشروع الصهيوني الهادف إلى إقامة دولة إسرائيل كُبرى وإلى حَل القضيةِ الفلسطينية بجعلِ الأُردن وطناً بديل .

قُرعت نواقيس الخَطر مُنذ عقود ، وتنبّهت الرُموز الوطنية و والحِراكات الشعبية والأحزابُ السياسية لهذا الخَطر المُحيق بالوطن ، حَتى صارَ الفسادُ السياسي والإداري والأخلاقي حديث السواد الأعظم من الشارع الأُردني ، لكن ما النتيجة ؟ لا شيء ، بل إزدادَ الوضعُ سوءاً للأسف .

مقالات ذات صلة

أمام هذه التحديات والمخاطر التي تهددنا وطناً وشعبا حاضراً ومستقبلاً..أمام هذا الإفلاس السياسي والإقتصادي والإداري الذي وصلنا اليه بسبب من توارثوا إدارة شؤون الدولة كدولة علاقات اجتماعية مُغلقة وباعوا كل ممتلكاتها وأصولها ونهبوا ثرواتها وهربوا سرقاتهم للخارج وأثقلوها بالديون وأوصلوها لأن تكونَ دولةً مفلسة لترضخ وتستسلم للمشاريع الصهيونية ، لم يعُد أمامنا إلا تشكيلُ تيارٍ وطني يُنقذ ما يمكن إنقاذُهُ ، ينتسب إليه كُل من يؤمن بالأُردن أرضاً وتاريخاً وقيماً وسلوكاً ونهجاً ومبادىء وطنية..ينتسب إليه كل من باعَ بيته وممتلكاته ليعلم أبناءه ليصطفوا أخيراً في طوابير البطالة بإنتظارِ الوظائفِ التي توارثها أبناء المارقين والفاسدين ..ينتسب اليه كل من رابط على حدوده ليلاً ونهاراً ببرد الشتاء وحَرِّ الصيف لينعمَ سماسرةُ بيع الأوطان في رغد عيشهم ..كُل من لا يجد دواءً لذويهِ بالوقتِ الذي لا تلد فيهِ نسائهم إلا في المُستشفياتِ العالمية – على حسابِ التأمين الصحي – لتعودَ وخادمتها تحتضنُ وزير المُستقبل بين ذراعيها.. ينتسبُ إليهِ كُلُ من أفنى عُمره مخلصاً أميناً في خدمةِ وطنه ولا يجدُ ما يُهديهِ لابنتهِ في يومِ فرحها بالوقتِ الذي تُقامُ فيه حفلاتُ الخلاعة بالملايين لبناتِ الذوات من بني لصوص..ينتسبُ إليهِ كُلُ مَن قبض على جمرِ مبادئهِ وقيمهِ ونزاهته مُعتكفاً في بيتهِ حفاظاً على كرامتهِ خوفَ أن يُساق بين المحاكم..تيارٌ وطني يؤمن منتسبيهِ بأن الوطن أغلى وأكبر وأجل من بني لصوص ويستحق التضحيةَ من أجله .. معاً لإعادةِ صياغة الدستور الأعور وتنقيتهِ من كل العيوب والتشويه ولنحاسب كل من تآمر على الوطن لنحيا ونعيش ونموت في أُردنِّ العزة والكرامة…وبخلاف ذلك سنبقى ندندنُ بأغنية فيروز القائلة : ” كتبنا وما كتبنا ويا خسارة ما كتبنا “…! وغداً سنبكي وطناً لم نَصنه !
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى