رمضان ، برعاية شياطين الإنس / أشرف الجمّال

رمضان ، برعاية شياطين الإنس

صحيح أن شياطين الجن تصفّد في رمضان ، إلا أن شياطين الإنس ما زالت حرة طليقة .. واصبحت شياطين الجن تتعلم الدروس في الشيطنة من شياطين الإنس .

لقد تحول شهر رمضان المبارك من ” شهر الخيرات والبركات والحسنات ” إلى ” شهر الإستثمار والإنحطاط والسيئات ” عندما نجد شركات الإنتاج التلفزيوني تتزاحم لعرض ما لديها من برامج ومسلسلات عبر شاشات بعض القنوات المعروفة والمشهورة صاحبة المتابعة المستمرة

حيث لا يضيّع القائمون على تلك القنوات فرصة البث الحصري لتلك البرامج والمسلسلات لجلب المعلنين عن بضائعهم وبأعلى الأسعار ” فهو موسم ” ويجب استغلاله ، فيصل الطمع حد الجنون عندما نرى إعلانا ” للشعر ” وهو يزال من قدم إحدى الحسناوات !! أو مفعول ” الفوط الصحية ” المميزة بالأجنحة !!

أي انحطاط هذا الذي وصل إليه الإعلام المرئي ، فقد تحولت البرامج الرمضانية من حكايات ألف ليله وليله إلى فوازير رمضان مع فلانة وعلانة !!

فعند تمام الواحدة بعد منتصف وفي وقت يبدأ فيه قيام الليل وقراءة القرآن الكريم يبدأ برنامج فوازير رمضان لتطل علينا فلانة بلابسها ” الفاضح ” ودلعها المصطنع ” المقرف ” ووجهها المطلي بالألوان لتحيينا وتقول لنا بصوتها ” السمج ” رمضان كريم علينا وعليكم وتقبل الله منا ومنكم !!!

ولا ننسى مسلسلاتنا العربية خصوصاً التي تعالج ” قضايا المجتمع ” والتي يجب أن نضع تحتها مئة خط !
فقضايا المجمتع من وجهة نظر ” بعض المسلسلات ” أصبحت محصورة في ” الكازينو “و” البار “خصوصاً أن زنا ما قبل الزواج وزيارة الفتاة لبيت صديقها أصبحت قضايا اعتاد عليها المجتمع من وجهة نظر تلك المسلسلات !

لذلك أصبح طرح هذا الموضوع في المسلسل أمراً عادياً جداً !

ومع ذلك ، يرى المخرجون أنهم فعلاً يعالجون قضايا المجتمع ، ربما العلاج من وجهة نظرهم هو التعرّي والانسلاخ عن القيم والدعوة إلى التحرر من عبودية الدين !

صحيح أن الضوء يسلّط على بعض القضايا المهمة مثل ” تشرد الأطفال ” و ” التسول ” و ” الفقر ” ، إلا أن المبالغة تكون مقززة للنفس بشكل لا يطاق ، فعند تصوير مشهد لـعروسين نرى أن الإخراج يكون للتفاصيل الدقيقة والمحرجة أيضاً ،
فنرى لقطة محرجة للعريس وهو يعرّي عروسته ، والعروس وهي تتدلع وتتغنج مع عريسها !
فلم يعاد هناك فرق بين المسلسل العربي والفيلم الأجنبي !

هذا غير اللباس الذي ما عدتُ أميز صاحبته إن كان جو ُّ المسلسل صيف أم شتاء وكأن تلك الممثلة عبارة عن جماد لا يحس ، فقط كي تتعرّى في شاشتنا الصغيرة .

وحتى لا نوجّه نظرتنا نحو الجزء الفارغ من الكأس نرى أن القنوات الدينية تتفنن في تقديم أروع البرامج وبأساليب مميزة ومواضيع مشوقة ، إلا أن تلك القنوات الفاضلة تضيع تماماً بين ” عجقة ” القنوات الأخرى ، وكل ذلك يبقى محصوراً في إطار ” رمضان ” ، فيصبح في التلفاز ” عجقة سير ” سببها رمضان المسكين !

فسرعان ما يختفي الاكتظاظ الإعلامي فور انتهاء رمضان ، ومع انتهائه يكون قد خلّف كثيراً من حوادث النفس ، حيث أن تلك النفس تدلي بتأسفها على ما أصبح عليه رمضان ،
لذلك ، هنيئاً لشياطين الجن على ما يقوم به ” نوّابهم ” من شياطين الإنس في أطهر أيام السنة !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى