صح النوم

صح النوم
د. هاشم غرايبه

ربما نسي الناس قصة الإرهاب، بعد ان توقف الإعلام عن الضخ الجائر باتجاه تضخيمه وتخويف الناس منه بنشر القصص التي لا يعلم أحد درجة صحتها لغياب الرواية المخالفة، فالطرف المتهم بارتكابها لا يملك وسيلة حرة لإيصال المعلومة، فكل شبكة الإنترنت أصلا تخضع لإدارة صارمة من وكالة المخابرات المركزية، وأما الموقع الوحيد الذي قيل أن (الإرهابيين الإفتراضيين) يملكونه والمسمى (وكالة أعماق)، فلا يصدق ذلك إلا الأبله، فكيف رصدت المخابرات العربية والدولية كل ما يمت الى (الإرهاب) بصلة، وجففت كل مصادره وقطعت كل سبل تواصله.. واستعصى عليها إغلاق هذا الموقع!؟.
هذا الموقع بلا شك تديره الأجهزة الإستخبارية ذاتها، وتنشر من خلاله على لسان (الإرهابيين) ما تريد، كما تستخدمه كمصيدة لاقتناص السذج الذين يدخلونه اعتقادا أنه للجهاديين.
مرّت سنوات العقد المنصرم المريرة كأسوأ ما مر على أمتنا عبر التاريخ، فلا يفرحن المتآمرون الثلاثة الذين شاركوا بالمسرحية الدموية: الغرب (المُعد والمخرج)، والأنظمة العربية التي جندت ومولت العمليات الإرهابية (الكومبارس المنفذ)، ومنافقو العصر (بائعو التذاكر)… لا يفرحن هؤلاء بأننا كالأغنام صدقنا ما قالوه افتراء أن الإسلام فكر إرهابي شرير، وأن الحرب على الإرهاب ليست حملة صليبية أخرى، بل هي عمل خيري لتنقيتنا من الإرهاب وتأهيلنا بشراً طيبين.
تحقيق هدفهم الخبيث، يقف دونه أسئلة كثيرة لا يمكنهم الإجابة عليها:
أين ذهب هذا الوحش الخفي، الذي أرعبوا الناس به، وكانت أخباره طاغية على كل خبر، وفجأة توقفت تماما!؟.. هل تبخروا فجأة من الأرض مثلما نبتوا فجأة فيها؟.، ولم تعد هنالك تفجيرات ولا قطع رؤوس.
هل بمقتل البغدادي توقفت فجأة شرور الإسلام الظلامي، وعاد الناس للعيش في تبات ونبات يتمتعمون بأفضال النظام الدولي الجديد الوديع المسالم، الذي خلصهم من همجية الإسلام ودمويته!..
أين الفيديوهات التي كانت تظهر سفاحين مجللين بالسواد بعيون شريرة ولحى كثة.. يمتطون سيارات الدفع الرباعي اليابانية الحديثة الصنع..كيف حصلوا عليها إن كانوا محاصرين حقاً!؟.
كل الفيديوهات التي صورت دحر داعش، سواء في العراق أو سوريا، لم تظهر أسرى أو قتلى.. لم نر إلا بيوتا مدنية مدمرة ومتاجر للأهالي منهوبة.
لماذا لم نر ولو واحدا فقط اعتقل، وأظهروه على التلفاز يتحدث بما حدث!؟.
هل يعقل أن الأمريكان كانوا غافلين عن القادة (الإرهابيين)، ولا يعرفون مكانهم، مع أنهم يقولون أن أقمارهم التجسسية تمسح كل متر ليل نهار، ويمكنها تمييز القطة إن كانت ذكرا أو أنثى، فيما أولئك القادة يتنقلون عبر الصحراء المكشوفة بأمان!.
إن عدم وجود إثبات مادي على مقتل من قيل أنهم قادة (الإرهاب)، يزيد من الشكوك في مصداقية الرواية، خاصة وأنه بات معلوما أنه يجري تصوير كل العمليات حتى السرية.
كل ما سبق يوحي بأن قصة الإرهاب من أصلها رواية متهافتة، وأنها مختلقة لتبرير الحملة الصليبية الجديدة، بعد أن سقطت ذرائع حماية قبر المسيح القديمة، كونه أصبح تحت يد الغرب فعليا.
إن ما ساعد على جعل هذه الرواية واقعا مفروضا رغم الثغرات الكبيرة في حبكتها، ثلاثة عوامل:
1 – الطرف المستهدف (الأمة العربية الإسلامية) يمثلها سياسيا قادة (سايكس بيكو) والذين لا يمكن أن تنطلي عليهم الخديعة، لولا أنهم يعلمون أن من شروط اعتمادهم، دور مرسوم، لتكريس انقسام الإمة ومنع عودتها الى سر قوتها (الدولة الإسلامية)، كما أنهم لا مصلحة لهم أصلا بعودة الإسلام، فهو سيختار الأصلح ويلغي مكاسبهم.
2 – هنالك عدة أطراف داخل الأمة تتمنى التخلص من الإسلام، منهم المتعصبون التاريخيون الرافضون للدخول فيه أصلا، ومنهم المخدوعون بتقدم الغرب ويظنون سببه يعود الى تركهم الدين، ولا يعرفون أنه بسبب القوة العسكرية التي مكنتهم من السيطرة والاستئثار بثروات العالم.
وهنالك ساذجون فرحوا بالهجمة معتقدين أنهم يتخلصون بذلك من سيطرة الإخوان المسلمين في الشارع الإنتخابي.
3 – وأخيرا يبقى العامل الأهم وهو أن الواقع على الأرض لا تصنعه الحقائق المجردة ولا المنطق، بل التوجيه الإعلامي، وقد ثبت أن القطعان البشرية (وخاصة في الغرب) يمكن لمن يملك وسائل الإعلام والمال، سوقها حيث يشاء.
وأكبر دليل هو تفجيرات نيويورك، فرغم أن عشرات الكتب ومئات الأبحاث من قبل الخبراء والفنيين، قد بينت أنه لا يمكن سقوط البرجين جراء حريق في الطوابق العلوية، بل بتفجير احترافي لقواعد البرجين، فما زالت الملايين من الدهماء (ومنهم معادو الإسلام العربان)، يتبنون رواية المخابرات الأمريكية، بأن (القاعدة) المحاصرة في مغاور تورا بورا انتقلت بسرعة الجان الى أمريكا ونفذت العملية.
الى كل الذين يغطون في سبات الوهم بأن اللعبة مرت علينا، نقول..صح النوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى