كليشيهات أردنية / سهير جرادات

كليشيهات أردنية

كلنا رددنا تلك الشعارات، أو ما تعرف ب”الكليشيهات ” ، التي أطلقت علينا نحن المواطنين، على عدة فترات ، فمن منا لم يردد تلك الأقوال والشعارات: ” الانسان أغلى ما نملك ” ، و ” على قدر أهل العزم ” ، و” كلنا الأردن “، و” نعمة الأمن والأمان ” ، و” حيهم النشامى ” ، وغيرها ، وهو كله فخر بهذه العبارات ، التي تشحنه بالكثير من الحيوية والطاقة الايجابية ، وتشعره بالفخر لمجرد ترديدها ، أو سماعها.
وبعد كل ذلك، يبقى السؤال : هل المطلوب منا حفظ هذه “الكليشيهات”عن ظهر قلب ، وترديدها دون التفكير في مضامينها ومعانيها اللغوية ، ومدى انسجامها مع الحالة الخاصة لنا ، وتطابقها مع واقعنا !؟.
من منا فكر بمعنى “الكليشة” الأكثر تداولا من قبل حكوماتنا المتعاقبة ، وهو : “ليشكر المواطن الأردني ربه على نعمة الأمن والأمان “، الذي سدوا به آذاننا صباح مساء ، وأخذنا نردده بعد أن حفظناه عن ظهر قلب ، دون معرفة معناه لغويا ، أو التفريق بين الأمن والأمان .
فالأمن يعني باللغة: الاستقرار والاطمئنان البعيد عن القلق والتوتر والخوف ، وأن يكون الانسان أمينا على حياته وأسرته وممتلكاته ، ويتمتع بالأمن الوطني من الأخطار أو التهديدات الخارجية والداخلية، إلى جانب الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي والبيئي والدولي.أ
ما الأمان ، فهو ذلك الشعور الداخلي بالراحة والطمأنينة الناتج عن ما توفره الدولة من خلال سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين جميع أفراد المجتمع وطبقاته على حد سواء ، والتوفير العادل للموارد ، والعدالة في الأجور ، وتحسين معيشة من هم تحت خط الفقر.
فإن كنا نتحدث عن تحقيق الأمن لدى المواطن الأردني الذي – بفضل الله – يشعر به بالاستقرار والاطمئنان على نفسه وحياته وماله وأسرته وممتلكاته، إلا أننا في ظل اتساع رقعة الفقر، وعدم تحقيق العدالة في الفرص والمساواة في الأجور، والأهم العدالة الاجتماعية ، التي ما زلنا نبحث عنها ، يبقى الأمان بعيد المنال ، مما يعني ان هذه العبارات ليست سوى” كليشيهات “غير مطبقة على أرض الواقع ، مما يوجب علينا أن نتوقف بالشكرعند نعمة الأمن ، كون الأمان ما زال غير متوافر في ظل هذه المعطيات، مع الشكرلله على كل شيء.
كلنا يذكر ، تلك العبارات ،التي اقترحها أصحاب الرأي والمشورة على أولي الأمر، في مرحلة رحيل الملك الحسين الباني ، وما تطلبته من بث روح الحب والإخلاص للوطن ، من خلال شحذ الهمم والإرادة والعزم والتصميم على مواصلة عملية بناء الوطن ، من خلال اطلاق العبارة الشهيرة “على قدر أهل العزم” ، التي رافقها شعار آخرمدعم تحت عنوان ” الأردن أولا”، ومن بعده “كلنا الأردن”‘ ، الذي كان يراد منه دمج جميع أطياف المجتمع في بوتقة الوطن، وأنه لا تميز بين فئة وأخرى ،و انسان وآخر، سوى بمقدار الحب والإخلاص للوطن ، وما يقدمه من خدمات تعزز أمن الوطن واستقراره، بعد أن سادت لفترة سابقة عبارة أطلقت على مكونات المجتمع ” من شتى الأصول والمنابت ”
وأخيرا وليس أخرا ظهر ذلك الكليشية القديم الجديد ” النشمي ” أو ” النشامى ” ، وهي صفة تطلق على الفارس صاحب النخوة والشهامة ، التي يتصف بها الأردنيون ويمتازون بها.هذه الشعارات أو “الكليشيهات الأردنية ” جميعها نجحت فيما يراد لها ، وحققت ما هو مطلوب منها ، بغض النظر، إن تم ترديدها عن وعي ،و التدقيق في معانيها ، أو تم تداولها دون الوقوف عند مضامينها ، وما تحمل في طياتها من ايحاءات أو دلالات قد تكون غير لائقة بحق المواطن المنتمي ، الذي قبل أن يطلق عليه كليشية ” الانسان أغلى ما نملك “، وكأنه سلعة تمتلك ، وأنه من ممتلكات الدولة ، وليس المكون الأساس لها.
وتبقى “الكليشيهات الأردنية .. كليشيهات ” ، ويبقى ما في القلب من محبة وإخلاص ووفاء وانتماء للوطن لا يحتاج إلى “كليشيهات “رنانة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى