الرغيف وإخوانه ..

مقال الأحد 3-12-2017
النص الأصلي
الرغيف وإخوانه ..
إلى القلقين على مصير “الرغيف”..أطمئنكم سيرتفع الخبز كما ارتفع كل ما سبقه من سلع ، وسينزع عنه رداء القدسية العتيق أمام الملأ والى الأبد ، وسيتم تمييع خطّه الأحمر بكل سهولة ليصبح لهالته لوناً زهرياً تتباهى به الحكومات بالرفع المتتالي ، وكل ما سنفعله نحن: تعليق على الفيسبوك ، تريند على التويتر ، نكته على الواتساب ، صورة ع السناب شات ، وتموت القصة ، ثم نبدأ في اليوم التالي مراثون سدّ الأمعاء الخاوية ، نسرّع الخطى لنلحق الرغيف ، مشياً سريعاً، هرولة ، ركضا..ثم السقوط بنوبة جوع ..
أنا غير متفاجىء من برود الناس تجاه “خبزهم” رمزهم ،وحائط كرامتهم ، فقد خذلنا كل الرموز التي قبله فكيف لنا الا نخذله ..نتعاطف معه ربما ، نتأفف في مجالسنا الضيقة حول رفعه على الناس الجائعة ربما ، وإذا ما وجدنا لقمة على الأرض “نبوسها” ونضعها على السياج، كل الرموز الذين خذلناهم “نقبلّهم” في المناسبات ونضعهم على الرف، لا نحملهم بأيدينا إلى صاحب القرار لنقول له هؤلاء هم فقط من يمثلنا وسواهم غبار و غثاء…
**
حجج لا ترتقي إلى “الساذجة” تبنتها الحكومة لتمرير الرفع وهي تعرف في قرارة نفسها أن ثقباً واحد في حزام الطبقة العليا لو تمّ شدّه لما احتجنا إلى خبز أو كاز الفقراء ،وهي تعرف في قرارة نفسها أن الملايين القليلة التي سوف ترفعها عن أفواه الناس تستطيع أن تجمعها من تحت أحذية من تناوبوا على كرسي الرابع والعبدلي في السنوات العشر الأخيرة العجاف..
على أية حال ، لو يخرج رئيس الوزراء ويكون صادقاً مع نفسه ، ويقنعنا ان ما يقوم به في اتجاه الإصلاح الاقتصادي الصحيح وليس في خانة تزوير الحقائق واستغفال الشعب الواعي المتعلّم ، ويطمئننا أن العجز في الموازنة سيتلاشي في السنوات الثلاث القادمة ، وان الدين العام سينخفض في السنوات الخمس القادمة ،أقسم له أن الشعب سيقبل رفع الخبز بضعفي ثمنه..لكن هو يعرف أن ما يقومون به هو كمن يسدّ فوه بركان ثائر بــ”قطنة” وكمن يواجه ماء المحيط بقشّاطة ، إنهاك وجنون وتخبط وضياع..
الثلاثاء الماضي ، وبالتزامن مع صراخ أحدهم في وجه مواطن معدم في بيت التشريع: “مش شغلك يا مواطن” ، تذكّر الأردنيون الرجل الذي كان يدرك كيف يدير حكومته كيف يعشق وطنه، و كيف لا يضع عنقه درجة لحذاء الصندوق الدولي ،كانوا في حضرة من مات ودفاتر الدين تحتضن اسمه عند تجار عمان ، تحلّق الأردنيون حول قبر وصفي يستذكرونه ويشكون له ما آل اليه حالهم …قبل ايام فقط للسنة السادسة والأربعين دخل الأردنيون بيت وصفي وكأنهم يدخلون بيوتهم بلا حرس أو موعد ..وكأنهم يقولون بصمتهم وحزنهم : عندما مات وصفي مات منصب رئيس الوزراء..ونبت مكانه نتوء طفيف يدعى “رئيس قسم التحصيل” بلقب دولة..يا الهي ما أوسع هذا اللقب على حامليه..!!
**
قلنا سيرتفع الخبز، وسيهرم وجه الوطن فجأة بعد هذا القرار ، راقبوا المشهد بعد شهور وستتذكرون ما أقوله، أنا لست خائفاً من الرفع نفسه ، أنا قلق على المصير..في كل الدول ترى أنها من خلال قراراتها تقوم بعمل بناء “structure”، بناء اقتصاد، بناء تصحيح ، بناء رؤية، بناء مستقبل..هنا الوضع مختلف؛ الدولة بقراراتها تقوم “بالتسليك” فقط..كل رؤساء الحكومات في السنوات الأخيرة ليسوا أكثر من موظفين لا رؤية حقيقية لديهم ، لا رؤية حقيقية لوطن يجب أن يعيش ألف سنة..لا ملاذ ولا منقذ ولا ملهم غير الــ9 مليون قاروط..كلما نفد “قيمر” السلطة حلبوهم!!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. المملكة الأردنية الهاشمية.. هناك الأنسان المعني بالدفاع عن هذا الأسم.. مقالك مهم للفت إهتمامه.. وإني لأرجو أن يكون ذلك..!

  2. حسبنا الله ونعم الوكيل.. اسال الله ان تُشل يد ولسان ودماغ صانع هذا……….. اقروه ووافقوا عليه قبل ان يدخل حيز التنفيذ وان لا لا يُطبّق..
    حسبنا الله على كل ظالم وفاسد .. الظلم ظلمات يوم القيامة ..

  3. الفقر والبطاله وارتفاع الاسعار اخطر على الانظمه من التطرف والارهاب , لكن في حال كان الفرق بين الحكومه والنواب كالفرق بين الكيا سيفيا والمرسيدس بنز فلا بأس بشيء من الهز .. وعلى راي غوار الطوشه اتركني هزززز

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى