شبّيك لبّيك

شبّيك لبّيك
يوسف غيشان

يحكى أن ختيارا طاعنا في (الضرس) خرج له المارد من القمقم وقال له:
– شبيك لبيك … أطلب وتمنى!
الختيار الذي كان يخشى الموت ويتوق لأيام الشباب قال:
– أريد أن يرجع عمري عشر سنوات إلى الوراء!
قال المارد: -شبيك لبيك.
وعاد عمر الرجل عشر سنوات إلى الوراء أحس بها الختيار والدم يتدفق إلى عروقه العجفاء.
ولما أدرك الختيار أن أمنياته تتحقق رغب من الهرب من الموت والشيخوخة أكثر فأكثر فقال للمارد:
– أريد أن يرجع عمري كما عشر سنوات إلى الوراء
– شبيك لبيك … وتراجع عمره.
– كمان عشر سنوات!
– شبيك لبيك …. وتراجع عمره.
– كمان عشر سنوات!
– شبيك لبيك … وتراجع عمره.
وهكذا ظل الختيار يتصاغر ويتصاغر في العمر: شيخا. فكهلا… فرجلا…. شابا … غلاما …. طفلا. حتى وصل عمره إلى خمس سنوات حيث أصيب بالحصبة الألمانية ولما لم تكن والدته موجودة لترعاه …مات … مات تماما.

احتار الرواة في أمر هذه الأحدوثة، هل هي صرخة ضد الطمع. أم هي بطاقة تحذير ضد تصغير الأحلام …؟ مهما تكن فهي تحمل حكمة فلسفية ووجودية وإنسانية وسياسية.
الحكومات التي تسعى إلى تصغير الديمقراطية وتحويلها إلى (معايرة) للشعب وكل من يعارض بأنه كان سوف يشنق أو يعدم في دولة عربية أخرى … هنا فقط يعتقلونه أو يضربونه أو يصادرون أمواله ويمنعونه من الكلام المباح … فقط لا غير.
الأحزاب التي تقلص أحلامها حتى تتناسب مع متطلبات الاستيزار، تتحول إلى (مبرراتي) لممارسات الحكام، حتى تصاب بالحصبة معهم، وتموت طبعا.
الشعوب التي تخنع لعسف الحكومات، وتنصاع أمام الهراوات خوفا من الصهد والفنع والقمع، سوف تجهض وليد التغيير وتنتفخ بالحمل الكاذب حتى تموت بحمى النفاس.
الدول الصغرى التي لا(تحمّر) عينها في وجه الدول الطامعة فإنها تتفتت على موائد الأمم ثم ترمى للكلاب.
نعود إلى المارد ونكمل القصة على مسئوليتنا الشخصية:
…. فلما نظر المارد إلى الختيار الذي صار طفلا ثم مات ، ظل يقهقه ويقهقه ويقهقه … حتى مات!

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى