الطريق الى معان / جروان المعاني

الطريق الى معان
في الطريق الى معان تكاد تتشابه التضاريس والفراغات، حتى المطر تشابه في خطورته مع الغبار، وأكثر ما شد انتباهي انه بمجرد الخروج من حدود مستعمرة المطار، انك تمتزج مع الصحراء بحريتها، وتبدأ لهجة البدوي تعود اليك بتلقائية وبتلقائية المحب لوطنه بدأت تغزوني اسئلة كادت تفقدني السيطرة على مقود السيارة، حيث طرحت على نفسي سؤالا حول مفهموم الدولة البسيط وهو (انه مجموعة من الناس تعيش على ارض ولها سلطة حاكمة) الارض في اغلبها فارغة من السكان حينها تسائلت اين السلطة الحاكمة من اعمارها؟ لماذا هذه المساحات الشاسعة لا تبنى فيها مدن كبرى تخفف الضغط على ارض الشمال الاردني مع انها اراضي باطنها ملئ بالخيرات، فادركت حجم تقصير الحكومات .
ما ان استقبلني مدخل مدينة معان حتى بدأت باستعادة ذكريات ممزوجة بالاعجاب والحزن حيث كنت يوما نائب رئيس الحزب الوطني الدستوري لدائرة محافظة معان، واعمل مساعدا لمدير اكبر مدرسة فيها، وعلى كاهلي وكاهل انسان متقد بالعطاء تم تأسيس ونقل مدرسة معان الثانوية للمبنى الجديد، وكيف كنا نتناوب على حراستها اثناء الاحداث التي مرت بها، وكيف اجبرني مرض والدي على العودة الى بلدة الشجرة في لواء الرمثا حيث كان شرط وزارة التربية ان يتم نقلي دون الاحتفاظ بحقي في الادارة أي ان انتقل كمعلم وهي المهنة التي ما اتقنتها يوما، وما زلت حتى اليوم حاقدا على القوانين التي اعادتني لاول السلم الوظيفي، فلمست معنى تقصير الحكومات وكيف يُظلم الموظف ان لم يُسخِر معارفه (والواسطة) لنيل حقوقه او حتى اغتصاب حق غيره.
دوما سعيت الى التقليل من نفوذ (الاخوان المسلمين) في معان ليس حقدا عليهم ولكن رغبة في احداث تغيير حقيقي في نمط الحياة الاجتماعية، ونجحنا الى حد ما بكسر كثير من الحواجز حتى وصل حد اتهامنا باننا (فاسقون وكتبت فينا منشورات تدعونا للتوقف عن العمالة للحكومة ) وهي نفسها الحكومة التي جعلتني ادفع مبلغا كبيرا لينجح غير الاخوان في انتخابات نادي المعلمين الذي كنت امينا لصندوقه ثم عادت وتنصلت من التزامها في المبلغ فصرت سارقا وفاسقا من وجهة نظر المنافسين، ولولا شهامة ذلك الرجل الذي قام بتسديد المبلغ لسجنت او ربما فصلت من وظيفتي ..!؟
ان واقع غياب الثقة في الحكومات هو الذي يساهم كثيرا بزيادة الاحتجاج الشعبي ويشرعن التشرذم باسم المبادئ لتكتشف بعد مضي السنوات ان براءتك في التعامل مع الامور سيستغله احدٌ ما فتبدوا سارقا فاسقا .
الصحراء الاردنية حبلى في الخيرات، والانسان الاردني عموما مستعد لتقديم كثير من التضحيات لكنه يحتاج الى حكومة صادقة النوايا تغوص في عمق الصحراء تخرج خيراتها وتبني مدنا على غرار مدينة الحسا تنعش الحياة الاقتصادية وتوفر فرص عمل لكافة فئات المجتمع، حينها سنجد مبررا لضياع المليارات وللضرائب المجنونة وسنبرر هذه المديونية التي تكاد توصل الناس حد اتهام الجميع بالنهب والسلب لخيرات البلد ونمنع العابثين من استغلال حالة الفوضى لمشاعر الناس ونحقق شيئا من العدالة.
معان كما بقية مدن المملكة تتسع بقلبها لتحمل هموم الانسان الاردني وكبريائه فهي مدينة فيها رجال( لا تسجد جباههم إلا لله) .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى