احترام وإنفاذ القانون / د نبيل الكوفحي

احترام وإنفاذ القانون
د نبيل الكوفحي

مقلقة جدا لدرجة الخوف على مستقبل البلاد والعباد مظاهر الجرائم والتدهور الاجتماعي والعنف التي أصبحنا نشاهدها بشكل يومي، وتعلوا أصوات الاستنكار الشعبي “والوعيد الرسمي ” حيال هذه الظواهر . ولا زلنا نستمع الى الإشارة لها والتحذير من استمرارها من اعلى مستويات المسؤولية في هذا الوطن، على انها مرفوضة من الجميع، لكن حالات المعالجات المتكررة لم تفضي الى تقليلها او تحجيم اثارها، ولَم نرى عميق بحث وتطوير للتشريعات لمعالجة الأسباب قبل النتائج.
لدلك فان المعالجات المجتزأة من السياق الإصلاحي العام لن تؤدي الا الى مزيد من الانحرافات وتفاقم المشكلات، فعلى سبيل المثال؛ إذا كان استخدام السلاح الناري في المناسبات ممنوعا ومرفوضا، فالأولى محاصرة تهريبه والمتاجرة به من قبل ” النافذين”،
واذا كان العنف الطلابي المتكرر في بعض الجامعات يسيء لسمعتها ولسمعة الوطن، فالأولى ان لا يتم تحريض مجموعات من الطلبة من قبل ” البعض” على أسس عنصرية على زملاء لهم كونهم يؤيدون تيارات سياسية محددة لا تروق لهم، الامر الذي جعلهم يشعرون انهم فوق القانون والتسبب بالعنف بالجامعات،
واذا كانت مظاهر إغلاق الطرق العامة والاعتداء على الأبرياء ( وآخرها مقتل الطفل) والاعتداء على شرطة السير، تمس “هيبة الدولة” فالأولى لمنعها ان لا يحمى مرتكبوها من قبل بعض نواب ومسوولين كبار لانهم من ” كراسي البلد” ويتعطل القانون عندهم،
واذا كانت منظومة القيم المجتمعية تتراجع وتهدد الانتماء الوطني العام، فالأولى ان يصاغ الإعلام على أسس قيمية وطنية ولا يكون اداة للتغريب واللاهوية وتمييع الشخصية،
واذا كان الهدر والبذخ في المال العام محرما، فالأولى ان تتجه المحاسبة لكبار المسؤولين قبل صغارهم.
ان الأمثلة أكثر من أن تحصى، وأولويات المعالجات ينبغي ان تبدأ من الأعلى؛ من احترام الدستور وايجاد التشريعات القانونية العادلة والموضوعية التي تناسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وتطبيقها بعدالة وشفافية على الكبير قبل الصغير، كما قال صحابي لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم ( الان نسمع ونطع)، وضرورة أن يكون المسؤول قدوة مؤهلا جيء به على أسس موضوعية وليس محسوبية وصفقات متبادلة بين متنفذين، وان يمثل قدوة للمواطن والموظف الذي يرأسه، وان تنتهي صفة التوريث في الوظائف العليا التي تشكل اكبر دافع للفساد وعدم المسائلة.
ان احترام وإنفاذ القانون حتى يتحقق ينبغي ان يتجاوز الخطابات الإنشائية المستنسخة في معظم الحكومات المتعاقبة والتي افقدت ثقة المواطن بها، وأججت الاحتقان الاجتماعي الذي يتفجر بأشكال مؤذية نتيجة التراكمات التي ولدت احباطا لدى الكثيرين وأنتجت حالة الشعور ” فوق القانون” لدى بعض الأشخاص والمجموعات، والتي لن تنفع معها كل المعالجات الأمنية المجزوءة هنا او هناك.
كم نحن بحاجة ايضا الى تربية الضمير وتعديل السلوك لدى الناشئة من خلال برامج ومناهج وأنشطة واعلام يعزز الإيمان بالله وضرورة مراقبته في التعامل الفردي والجمعي، سواء تواجدت جهات إنفاذ القانون ام غابت، ذاك ما لخصته الجارية بالقول المشهور : فإذا كان عمر لا يرانا فان رب عمر يرانا.
ان الاستدراك الان ممكن ، ونخشى اذا بقينا على ما نحن فيه من تهوين( ان يتسع الخرق على الراتق) وساعتها لا ينفع ندم او لوم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى