سواليف – حسام الدين الرشايدة
أكد العين الدكتور محمد الحلايقة أن الحكومات تتنافس على جذب الاستثمارات الأجنبية وتقديم الحوافز لها.
وأشار في مناظرة ” ديوانية ” التي عقدت مساء أول من أمس في مركز هيا الثقافي تحت عنوان “الاستثمارات الأجنبية لم تخدم الاقتصاد الأردني” أن هناك مؤسسات عالمية تقيس مدى تنافسية الدول لجذب الاستثمارات، مما يجعل الدول تعمل لتحسين هذا المعيار لديها.
وأضاف الحلايقة، الذي كان في موقفه مع أن الاستثمار الأجنبي يخدم الاقتصاد الأردني، أنه من فوائد الاستثمار الأجنبي جلبه للعملة الصعبة، وخلق فرص عمل، مشيرا إلى أن الاستثمار الأجنبي في الأردن أوجد 32% من فرص العمل الحالية.
المناظرة جاءت بين اسمين لامعين في مجال الاقتصاد في الأردن، فبالإضافة إلى د. محمد الحلايقة تحدث أيضا العين د. طاهر كنعان؛ والذي كان طرحه يتمحور حول أن الاستثمار الأجنبي لم يخدم الاقتصاد الأردني.
وأدارالحوار د. سامي حوراني، مؤسس مبادرة ديوانية، وطرح في بداية المناظرة تساؤلا عن سبب اتجاه الحكومة لدعم الاستثمارات الأجنبية “مع عدم وجود نتائج ملموسة لذلك” على حد قوله.
وقبل بدء المناظرة، تم استطلاع رأي الحضور حول مدى خدمة الاستثمار الأجنبي للاقتصاد الأردني، وكان 19% من الحضور مع الطرح، و25% كانوا ضد الطرح، في حين التزم 56% من الحضور بالحياد. وتغيرت هذه الأرقام بعد المناظرة لتصبح نسبة الذين يروون أن الاستثمار الأجنبي خدم الاقتصاد 25%، ونسبة الذين رأوا أنه لم يخدم 33%، في حين التزم 42% بالحياد.
و”ديوانية” هي مبادرة تهدف الى خلق فضاءات حرة ومفتوحة للحوار من خلال تنظيم مناظرات علنية في أماكن غير تقليدية، وذلك لنقل الحوار السياسي والاجتماعي من الصالونات النخبوية الى الشارع. وطرحت “ديوانية” حتى الآن 20 موضوعا مختلفا للنقاش، وحضرها أكثر من 12 ألف شخص.
من جهته بدأ الدكتور طاهر كنعان حديثه بالدعوة إلى تعريف الاستثمار، معتبرا أنه “مصدر من مصادر تكوين رأس المال” من شأنه أن ينهض بالاقتصاد وبناء سيادة الدول إذا تأتى من الادخار في الناتج المحلي وحسنت إدارته.
وحول أثر الاستثمار الأجنبي على الاقتصاد المحلي أشار كنعان في حديثه إلى وجود قفزات في أرقام الاستثمار الأجنبي في أعوام عديدة مثل عامي 1981 و 2004، حيث كان الأثر على النمو الاقتصادي حوالي 5%، وكان النمو الاقتصادي “يبنى على الادخار واستبدال الاستثمار الأجنبي ببناء الصناعات وفق كنعان، “إلا أننا توقفنا عن ذلك” كما ذكر.
وفي هذا السياق أشار د. الحلايقة أن هذه الأرقام صحيحة، إلا أنه رأى “أنها لا تثبت أن الاستثمارات الأجنبية لم تخدم الاقتصاد الأردني”.
وقال أن المطلوب من الحكومة هو أن “تنتهج سياسات تدعم الادخار” مؤكدا على أن “موضوع الاستثمار الأجنبي وأثره على الاقتصاد غير مرتبط بموضوع السياسات الحكومية المختصة بموضوع الادخار ودعمه”.
وأضاف “نحن بحاجة إلى الاستثمار الأجنبي”، وتساءل “لماذا لا نتجه إلى مشاريع “نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية” التي تستعين بشركات أجنبية لتنفيذ مشاريع كبيرة كما هو الحال في مشروع مطار الملكة علياء الدولي؟”.
وحول إن كانت البيئة الحالية في الأردن طاردة أم جاذبة للاستثمار، فقال الحلايقة أنها ” بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي والمحلي على حد سواء”.
وفي رأي مغاير، قال كنعان أنه الحكومة تعتني بشكل لا بأس به بتشجيع الاستثمار الأجنبي، إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أننا “نفتقر إلى ادراة التمويل الذي من شأنه أن يدفع عجلة الاقتصاد”.
وهنا تساءل د. سامي حوراني: لماذا نعطي أولوية للاستثمار الأجنبي بدلا من العناية بالشركات المحلية”؟
وردا على هذه النقطة قال الحلايقة أن “هنالك كلام انطباعي سلبي يعطي فكرة أن الاستثمار الأجنبي مسؤول عن السياسيات الحكومية تجاه الشركات المحلية”، مؤكدا على أن الاستثمار الأجنبي لا ينافس الشركات والصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي يعتمد عليها بشكل رئيسي الاقتصاد الأردني.
ورأى الحلايقة أن “الأردن يتمتع بالأمان، وهذه نقطة جذب للمستثمرين لانشاء مشاريع لهم والتوسع في أسواقهم لتشمل أسواق الدول المجاورة”.
وقال “أن الأردن سيفقد الكثير اذا لم يستغل الوضع الحالي في كونه واحة مستقرة”، ودعا الحكومة لاتخاذ اجراء للمحافظة على الاستثمارات الأجنبية بدلا من انتقالها إلى دول أخرى”.
من جهته ضرب كنعان مثالا على أحد الاستثمارات التي لم يتم ادارتها بشكل جيد وهي المناطق الصناعية المؤهلة QIZ، في حين قال الحلايقة أن أهم قيمة يجب احتسابها للاستثمارات لتقييمها هي القيمة المضافة، ووضح أن القيمة المضافة للمناطق الصناعية المؤهلة QIZ وصلت إلى 22% مشيرا إلى أنه “نسبة جيدة جدا”.
وشدد كنعان على أن ما يهم في الاستثمار الأجنبي هو “النوعية” والتي تقوم على جلب التكنولوجيا وتوطينها ودعم الصناعة وليس “تنمية منتزهات الاستهلاك” كما ذكر، والذي يحدث في حال فتح مشاريع تقوم على الاستهلاك، مثل المطاعم، وليس الصناعة.
وفي هذا السياق قال الحلايقة أنه ” لا يتوفر لدينا أرقام تدل على مدى توطين التكنولوجيا في الأردن من خلال الاستثمارات”، وأضاف أن شركات الامتياز التي تقوم بإنشاء فرع لها في الأردن هي شركات يملكها مستثمرين أردنيين وتقوم بتوظيف أيدي عاملة أردنية.
وأضاف أن هنالك نماذج على الاستثمارات الأجنبية في الأردن غير معروفة بشكل جيد، وضرب مثلا على مشاريع قائمة في مناطق الجنوب لتنصيع الأسمدة وغيرها، قائلا “الله يكثرهم”.
وأكد “أنا لا أقول أن ندلل الاستثمار الأجنبي على حساب الاستثمار المحلي”.
وفي سياق آخر قال كنعان أنه حتى تكون المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات قيمة حقيقة للاقتصاد، فهي يجب أن تكون حول “نواة صناعية كبيرة”، مؤكدا “لا نستطيع عمل صناعات صغيرة دون صناعات كبيرة تكون تابعة لها”.
وفي نفس السياق قال الحلايقة “لقد فشلنا في هذا الموضوع وقد يكون الوقت قد تأخر قليلا لكنه لم يفت بعد”.
وتطرق المتحدثين إلى موضوع مخرجات التعليم العالي ومدى خدمتها لاحتياجات السوق والاقتصاد، وقال كنعان “أن التعليم العالي لم يواكب الاقتصاد المعرفي”.
من جهته أكد الحلايقة “أنه يجب حل جميع هذه المشكلات بشكل متوازي”، مبينا أن المشكلة “في تطبيق القوانين الحالية وليس في القوانين بحد ذاتها، فضلا عن وجود مشكلة في البيروقراطية العالية وتحسين تكلفة التعامل للمستثمر الأجنبي”.