دهورونا أخلاقيا / سهير جرادات

دهورونا أخلاقيا
سهير جرادات

من الواضح هناك من يريد أن يفسد أخلاقنا ، ولا يُخفي ذلك تقرير الشفافية الصادر عن منظمة الشفافية الدولية،والتي أظهرت نتائجه تزايدا بنسبة الفساد في الاردن على المستوى العربي،مما يضعنا أمام مشكلة تحتاج الى تضافر الجهود لحلها، وتوقيف نموها قبل أن تتحول الى أزمة اخلاقية تنعكس اجتماعيا بشكل سلبي على مجتمعنا، خاصة بعد أن ظهرت أولى بوادرها بمحاولة الانتحار الجماعية لخمسة شباب عاطلين عن العمل .

السؤال ، لماذا لا تريدون مواجهة هذه المشكلة ؟ هل لانكم انتم من ساهمتم في صنعها، من خلال عدم تفعيل القوانين والتشريعات ،واساءة استخدام السلطة وتمرير تعاملات سرية ، والمساهمة في تفشي المحسوبية ، وعدم الجديه في محاسبة المفسدين وتنامي الرشوة وعدم الجدية في محاسبة مرتكبيها،لجعلهم عبرة لغيرهم ، حتى وصل المجتمع إلى مرحلة انحطاط أخلاقي بصورة سيعاني من عواقبها على مدى سنوات طويلة، وستكون نتائجها وخيمة على وطننا .

بتجاهلكم لهذه المشكلة وعدم مواجهتها، يا مسؤولينا فانكم تتحملون ما يجري من تغيرات في البنية الأخلاقية، وقبولنا للفساد،لنصبح في طليعة الدول بقبول الرشوة،واعتبارها شيء روتيني في حياتنا بالرغم من أننا مجتمع محافظ ، فالكل يعرف بعضه البعض ، إذ أن مكوناته معروفة إما بدوية أو قروية ،حيث كان تعاملنا بصدق، ويوصم بالعار من تسول له نفسه التطاول على المال العام ، وتحول المواطن بفضلكم الى انسان يتقبل الرشوة دون خوف أو تردد.
الآن ، بفضل تخاذلكم في عدم محاسبة المفسدين، ووضعهم في مكان صنع القرار ،تغيرت النظرة عن الفاسد ليصبح مطمحا لتقرب الناس منه ، لا وبل نعته بالذكاء والفهلوة ،في بعض الأحيان مطلبا وأمنية لضعاف النفوس الذين تأثروا بقبول الفساد.

من دهورنا أخلاقيا ، وأوصلنا الى ما نحن عليه ؟ من سرق منا أخلاقنا ؟ ومن أوصلنا الى حالة التردي في الاخلاق وانعدام الصدق وغياب الضمير ، ومن أضعف نفوسنا أمام الفلوس .

مقالات ذات صلة

كيف تحولت قيمنا من خانة الرفض للسرقة والاحتيال والرشوة إلى خانة القبول ، كيف وصلنا إلى هذه المؤشرات التي يشار الينا بها بالبنان عن تراجع منظومة الاخلاق لدينا!.

على الرغم من أن الفقر والبطالة من العوامل المساندة لتفشي وانتشار الرشوة ، إلا أن الفقر لا يعني ضعف الوازع الاخلاقي والديني ، ولا يبرر قبول وممارسة المحرماتـ ولا يحول الاخلاق والقبول بما هو غريب عن قيمنا ومبادئنا ،التي تربينا عليها داخل بيوتنا ، القائمة على رفض الرشوة والكذب والسرقة ونبذ السارق وعديم الضمير،ودائما تتغنى بالانسان الصادق وصاحب الأخلاق والمباديء .

اليوم مع كل الأسف بعد أن حدث ما حدث من تغيير في بنية المجتمع الذي أصبح يسير باتجاه أن السرقة والحرمنه شطارة ، ومن يتمسك بمبادئه واخلاقه وقيمه النبيلة بأنه انسان بسيط ومع كل الأسف أنه ” أهبل “.

إن محاولة الانتحار الجماعي التي شهدناها مؤخرا ، التي لم نكلف أنفسنا الوقوف على أسبابها ، وخاصة أن مؤشرات تقاريرالشفافية تنذر بأننا أمام اشكالية في اتساع فجوة الثقة بين المواطن والمسؤول ، وأن معاناة وشكوى المواطن ومطالبه غير مسموعة من قبل الجهات التنفيذية ، مما يضعنا أمام مشكلة ستنعكس سلبا على الوطن ما لم نتصدى لها .

اسمعوا لوجع المواطن ، وعالجوا أسباب تدهور اخلاقنا ، قبل أن يتدهور الوطن بمن فيه.

jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى