القدس في جيب الرئيس السادات / موسى العدوان

القدس في جيب الرئيس السادات

في كتابه ” عواصف الحرب والسلام ” يقول الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل ما يلي :

” عندما أعلن الرئيس السادات استعداده للذهب إلى القدس والحديث أمام الكنيست، كان الشعور العام إحساسا بالانكسار وعدم التصديق. وعندما بدا من لقاءاته التلفزيونية المتعددة، أنه يعني بالفعل ما قاله وأنه ذاهب للقدس، فإن الشعور العام أصبح تحديا لمغامرة، يصعب على صاحبها أن يقوم بها.

وعندما وصلت طائرة الرئيس السادات إلى القدس فعلا ( يوم السبت 19 نوفمبر 1977 ) وظهر قادة إسرائيل واقفين في استقباله في مطار بن جوريون، فقد كان الشعور العام إحساسا بالدخول إلى عالم غريب ومجهول لم يسبق إليه أحد، وكل سكانه نوع من العفاريت يسمع عنهم كل الناس ولا يراهم أحد، وأدى ذلك إلى نوع من الانبهار … وعندما عاد الرئيس السادات من مغامرته في القدس، فقد كان الشعور العام إحساسا بالمشاركة في الحدث والمشاركة بالمسئولية …

مقالات ذات صلة

أسلم الرئيس السادات نفسه بعد العودة إلى القاهرة لشعور بالتفاؤل يصعب إيجاد مبرر له. ومن ذلك أنه دعا الكاتب الكبير الأستاذ أحمد بهاء الدين إلى لقائه. وقال له وعلى شفتيه ابتسامة عريضة : ما الذي تنوي أن تفعله الآن ؟ ودُهش بهاء واستوضحه ما يقول ؟ ورد عليه الرئيس السادات: لأنك وغيرك من الكتاب أصبحتم بلا عمل، إنكم عشتم طويلا على الكتابة عن الصراع العربي – الإسرائيلي، وهذا الصراع انتهى الآن وانتهت معه كل الموضوعات التي لم تعرفوا غيرها للكتابة. واستطرد الرئيس السادات يقول : إنه يرثي لحال الكتاب السياسيين الآن.

ولم يكن بهاء قادرا على تصديق مقولة أن الصراع العربي – الإسرائيلي انتهى، فسأل الرئيس السادات: هل سيخرجون من سيناء ؟ ورد عليه الرئيس السادات بثقة فيها نبرة سخرية قائلا : بالطبع .. وهل كنت تظنني أذهب إلى هناك لو لم يكن موضوع سيناء قد انتهى ؟ وسأله بهاء عن الضفة الغربية، ورد السادات بأن أمرها مضمون. وسأل بهاء وفضوله الصحفي يزيد : والقدس يا ريس ؟ وضحك الرئيس السادات وقال : اطمئن يا بهاء فالقدس في جيبي ” . انتهى.

* * *

التعليق : والآن أين هي القدس من جيب السادات ومن بعده جيب مبارك وجيب السيسي، بعد 41 عاما على تلك الزيارة المشؤومة، التي جرّت كل المصائب والانكسار للأمة العربية من المحيط إلى الخليج ؟ لقد انتقم الله من السادات بمقتله على يد أحد جنوده، في احتفال عيد النصر في 6 أكتوبر 1981، لخيانته الوطنية التي سيسجلها التاريخ في صفحة سوداء، كما سيسجلها لنهاية كل خائن لأمته ووطنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى