خيانة الزوج لزوجته بين الاعتراف…..والتبرير…..والنفي

خيانة الزوج لزوجته بين الاعتراف…..والتبرير…..والنفي
دكتورة مجد خليل القبالين
The husband’s betrayal of his wife between recognition and justification And exile.
تُعتبر الخيانة الزوجية من المواضيع المُهِمة جداً والتي تُصنف على انها من المواضيع المسكوت عنها في المُجتمعات الشرقية المُحافظة ، وتُمثِل بداية الطريق لمُسلسل وتاريخ حافل من المشاكل الزوجية ، وتُعتبر طريقاً مُمهِدا للعديد من حالات الطلاق سواءً كان طلاق عاطفي او ما يُعرف بالطلاق الصامت ويتمثل بانفصال الزوجين بالرغم من وجودهما تحت سقف واحد ، ام الطلاق المُتعارف عليه بين الجميع والذي يحدُث وفق إجراءات قانونية في المحاكم الشرعية ، ومن اهم ما يُعزز خيانة الزوج لزوجته مع الاعتراف بوجود خيانة من قبل الزوجة لزوجها هو ذكورية المُجتمع الشرقي الذي يُبرر أخطاء الرجل بشكل مستمر وكأنه يقول للرجل افعل ما تشاء….فأنت تتربع على رأس الهرم الاجتماعي ولك الحُرية المُطلقة بفعل ما تشاء.
ومع التطور التكنولوجي والتحاقنا بركب التكنولوجيا تطورت وتنوعت أساليب الخيانة الزوجية بحيث اصبحت تُساعد الزوج في اخفاء اثآر جريمته المُرتكبة بحق زوجته ، حيث اصبح بالإمكان ان يتواصل الزوج مع فتاة خلال تحضير الغداء من قبل الزوجة له ، او حتى خلال جلوس الزوجة معه في نفس الغرفة ، والتكنولوجيا هُنا كما هو معلوم للجميع سلاح ذو حدين لعبت دوراً مُهِما في إثبات حالات الخيانة الزوجية من خلال الاحتفاظ بالمُحادثات التي يتم اجراؤها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك ، تويتر ، واتس اب ، …..) والعديد من مواقع التواصل الاجتماعي الاخرى ، وهذه الأدلة يتم الاستعانة بها من قبل لجان الإصلاح الأُسري في المحاكم الشرعية للتثبت من وقوع حادثة الخيانة عند طلب الزوجة الطلاق من زوجها.
وللتمييز بين الاعتراف والتبرير والنفي فإن (الاعتراف) يكمُن بتصالح الزوج مع نفسه وشعوره بالندم لخيانته بحق زوجته وإعادة النظر بنفسه وسلوكه وعلاقته مع زوجته ، والاعتراف يحتاج الى انسان لديه درجة عالية جداً من الثقة بالنفس وقوة الشخصية ويتم اثناء الاعتراف توضيح دوافع الزوج لقيامه بخيانة زوجته من قبل الزوج نفسه دون استخدام اسلوب التبرير، وفي هذه الحالة يُصبح من السهل تعديل سلوك الزوج للأفضل واعادة النظر بالثغرات الموجودة في العلاقة بين الزوجين والتي ادت الى سلوك الخيانة من قبل الزوج خصوصا اذا صاحب عملية الاعتراف الوقوف على دوافع الخيانة واصلاحها اول بأول.
اما (التبرير اي الاستمرار في الخطأ) فيُلاحظ تفشيه بكثرة وإسقاط اللوم على الآخر لتبرئة الذات من الانتقاص والعيب ، أياً كان ذلك الآخر سواءً شخصاً بذاته (الزوجة) ، أو ظرفاً حياتياً ، ولعلّ ذلك أيضاً قد يكون من أهم أسباب التخلُف والتأخُر في المُجتمعات، وذلك حين يجعل الآخر شماعةً للأخطاء ، ومُبرراً سخيفاً لعدم السعي وراء الحلول ومُحاسبة الذات، ويُصبح الآخر كذلك وسيلة نفسية مُخجلِة للهروب من تحمُل مسؤولية الإخفاق والفشل لمواجهة المواقف.
من السهل أن يجد الإنسان عُذراً لتغطية خطأه ، وعجزه، وفشله، وتجاوزه، لكنه حتماً سوف يستمر فيه ، ولن يعرف كيف يتخلص منه ؛ لأنه لم يعترف به أولاً، ويكشف مُسبباته الخارجة عن إرادته ، وأسبابه التي تتحملها ذاته ، وقبل ذلك يدرك أن تبرير الخطأ يعني ترويض النفس على الغرور، والأنانية ، وانتصار الذات، والتضليل ، والكذب ، والانتقام ، والغضب ، ويُسيء الكثير لأنفسهم حين يُغطون أخطاءهم بأعذار واهية ، والتي تكون في حد ذاتها خطأً آخر قد يحط من قدر الإنسان أكثر من الذي يحاول أن يُخفيه ، ويُصبِح كما يقول المثل “عذرٌ أقبح من ذنب”، وبمداومة الفرد على التبرير سينصرف حتماً عن إصلاح ذاته وتطويرها، كما سيحول ذلك بينه وبين تفقد عيوبه واصلاحها واعادة تقويمها اول بأول ، فلن يُلاحظ أخطاءه ويفقد انسجامه الذاتي ، وسيكون شديد الخصومة كثير الجدل، وعندئذٍ يُبرر ذاته بمُختلف الأعذار ويرفض أن يتوب ، ويستمر في الوقوع بالأخطاء مُستسلماً لكبرياء النفس الأمارة بالسوء ليرفض الاعتراف بالخطأ والاعتذار ، وهُنا يُصبِح تعديل سلوك الخيانة لدى الزوج اكثر صعوبة واقرب للاستحالة ؛ لأنه لا يعترف انه مُخطئ من الأصل مُستعيناً بذلك بمُبررات لا تُقنِع الجاهل.
اما (النفي) فيُقصد به ان يُنكر الزوج سلوك الخيانة الذي صدر منه وهو الأقرب للكذب وانكار ما يقوم بافتعاله والخداع ، وفي هذه الحالة يكون الزوج يُعاني من اضطرابات نفسية خصوصاً اذا استمر في الإنكار والنفي والكذب وهو مكشوف لدى الزوجة ، وهنا يُصبح الأمل مفقود بإمكانية تعديل سلوك الزوج وتصحيح مساره ؛ لأنه غير مُعترِف بانه يقترف خطأ من الاصل ، ويعتبر نفسه على صواب بل انه يتجاوز ذلك الى تكذيب الكذبة واقناع نفسه به وإقناع المُحيطين به بتلك الكذبة.
“لستم مُجبرون للكذب او الخداع او النفاق……ولكنكم بحاجة للتصالح مع انفسكم قبل كل شيء”.
دكتورة مجد خليل القبالين
دكتوراه علم الاجتماع تخصُص علم الجريمة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى