خواطر رمضانية

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

من أكثر المتضررين من مواصلة العدو الحاقد اعتداءاته على إخواننا الصامدين في القطاع، هم منافقو هذه الأمة، متمثلين بالأنظمة الخانعة، فهؤلاء المنبطحون للعدو طلبا لرضاه عنهم، يتسابقون لتحقيق متطلبات اعتمادهم لدى راعيه (الشيطان الأكبر)، والتي يعتقدون انهم بالإيفاء بها يطمئنون الى بقائهم على الكراسي.
هؤلاء جميعهم سواء منهم من كان طبّع مبكرا، أو ما زال ينتظر على الدور، قلقون من تواصل جرائم هذا الذي يخشونه أكثر من خشيتهم لله، لأن أفعاله هذه تسوّد وجوههم أمام شعوبهم، وتسقط كل حججهم أمامها بأن معاهدات التطبيع التي يعقدونها معه تحقق السلام والرخاء لشعوبهم.
فالذين كانوا السباقين الى التطبيع أسقط في أيديهم، فليس في أيديهم غير نقع الوثيقة وشرب مائها، بعد أن أثبتت تجربة أكثر من ثلاثين عاما أنها غير ملزمة إلا لهم، فهم ملتزمون من طرفهم بإزالة حالة العداء مع مغتصب أرضهم، وحماية حدوده وتقديم المعلومات عن كل من يستهدفه، فيما هو يصول ويجول في المياه والأجواء العربية من أقصاها الى أقصاها، بأمان واطمئنان الى عدم وجود أية دفاعات أو حتى احتجاجات.
ورغم ثبوت هذا الإذلال، فالذين يصطفون في الدور بانتظار الإذن بالتطبيع، لم تدفعهم هذه الحالة لمراجعة أنفسهم، بالسؤال: إذا كان هذا حال المطبعين الأوائل، فما الذي سنجنيه نحن، وما هي ذريعتنا أمام شعبنا؟.
لكن يبدو أن خوفهم من ابتزاز الشيطان الأكبر لهم بتقويض حكمهم إن عصوه، يفوق كل حسابات العقل والوطنية والشرع.
لذلك يعوضون الحجج التي استند إليها المطبعون الأوائل وثبت زيفها وبطلانها، بحجج جديدة لكنها أكثر قبحا وسقوطا، وهي التحالف مع العدو ضد الخطر الإيراني المزعوم!.
هنا يجب العودة الى فترة أواخر القرن التاسع عشر، حينما أوفدت المخابرات البريطانية الى المنطقة العربية اثنين من أهم عملائها، هما (لورنس) الذي كانت وظيفته تثوير العرب على الدولة العثمانية، والثاني هو (مستر همفر)، الذي كانت مهمته توسيع الشرخ الشيعي – السني، واكتشف ووجود شاب ألمعي يدرس في البصرة اسمه محمد بن عبد الوهاب، فاخترقه واستطاع التأثير فيه، وشجعه على انشاء حركة سلفية الطابع، وتمكن من توجيهه على غير علم منه لدعم ابن سعود في صراعه مع آل رشيد ، ثم ضد الشريف حسين لطرده من الحجاز، وبذلك استتب الأمر للعائلة السعودية في كامل الجزيرة العربية، وجعلت من الحركة الوهابية غطاءها الشرعي.
بالطبع فالحركة الوهابية بقضل الدعم والرعاية الرسمية قويت وتوسعت حتى الى خارج الجزيرة، لكن لا يمكن ضمان ولاء كل منتسبيها، فكثيرون منهم علماء ربانيون يخشون الله، لذلك ظل التعامل مع شيوخها على الدوام بسياسة العصا والجزرة.
حاليا من اختاروا رضا الله ولو نالت منهم العصا قليلون، وهم إما مبعدون أو معتقلون، والأكثر يفضلون الجزر، ومقابل ذلك عليهم تبرير سياسات السلطان وتغطيتها بلبوس شرعي.
من هنا لاحظنا من أئمة الحرمين إحجاما عن الدعاء للمجاهدين، ومن شيوخ السلاطين من محبي الجزر اتهاما للمقاومين في القطاع بالضلال حينا، وبالتسبب في تعريض المدنيين للأذى حينا آخر، أما المرتبطون منهم بالأجهزة الأمنية، فهم يعملون عن التخذيل عن نصرة المجاهدين بحجة تعاونهم مع إيران، وينفخون في فتنة توسيع الشرخ المذهبي، بادعائهم أن الشيعة أخطر على الأمة من الصهاينة، وذلك لتبرير التطبيع القادم، والتهيئة للعودة الى خيبر.
كل هؤلاء معروفون وحججهم ساقطة، لكن المصيبة في بعض البسطاء من عامة السلفيين، فهؤلاء لا تطولهم العصا ولا ينالون الجزر، إنما يعتقدون أن اتباعهم أفكار شيوخ الوهابية هو تعمق في الإيمان، وينيلهم رضا الله، فهؤلاء يقعون في التضليل، فينساقون لخطة توسيع الشرخ المذهبي، ولا يعلمون أن السهام كلها يجب أن توجه للعدو الصهيو – صليبي، وأي سهم يوجه لغيره في هذه المرحلة هو خيانة للواجب الشرعي بنصرة المجاهدين.
ليس سرا أن المقاومة محاصرة من الأنظمة الحاكمة لأهل السنة أكثر مما يحاصرها العدو، لأنها الوحيدة المتبعة لمنهج الله، والوحيدة التي ترفض الاستسلام مثلهم، فهل لو كانت هذه الأنظمة التي يدافع عنها شيوخ الضلال مؤدية لواجبها بدعمهم .. هل كانوا ليلجأوا لغيرها!؟.
إذا ليصمت القاعدون والسماعون لهم .. فكما قال ابن تيمية: لا يجوز لقاعد أن يفتي لمجاهد.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى