خطيب المتعبين

خطيب المتعبين
د. حسام العودات

لم يعد المنبر كما كان أيام الرقيم ، والخطابة لم تعد تبالي بشهد الكلمات في بلاغة نفطويه ، ولا بهلوان الحروف في شعر المعلقات وغزل المترفين .

فما للأصلع شغف بسحر الصبغات ووفرة الأمشاط ، ولا للعاقر ترف البحث عن تردد الأثير لقناة كراميش ، أو غزل الدعايات بحليب الأطفال وخشخيشة السكوت ؟!!!!!؟؟ وكم تمنت طلقات الإنجاب دون صخب ولا حتى حقنة المورفين .

فقبل عقدين من زمان قد مضى ، خطب الخطيب في جمعة جمعت سكان القرية وهم بين مدقع ومستور ، فالبؤس رغيف العيش عند أغلبهم ، وصلاة الضحى طالما أدركتهم على أبواب المعونة وجمعيات الكادحين .
صاح بهم والصدى لخطبة الأوقاف قد بلغ حد الخصام إن ضلت كلماته الطريق ، ناصحا إياهم الا تشغلهم الدنيا بمالها ومناصبها عن دار الخلود .
أنهى خطبته وقد قارب الوضوء عند بعض السامعين حد الفطام ، وما أن غادر الخطيب صومعته حتى لحقه قريبي وقد سبقت الأسمال حروف العتاب .
فقال له : يا محدثنا عن إسراء ومعراج وحطين ، استحلفك بالله ثم بحلاوة التين وفوائد اليقطين ، أين هي تلك الأموال والمناصب التي تشغلنا عن آخرتنا ، وعن فردوس أعلى وحور عين ؟!!!!! فقد أمضينا العمر بين الجافر من الخبز وعلبة السردين ، إمضي بخطبتك الى الشميساني ، فربما لدى بعضهم من أمر الدنيا ما يشغلهم عن جنان السندس ونعيم المتقين ،
فاحترم عقولنا يرعاك الله ، وإن غابت رنات الدراهم عن أسماعنا ، فلا تظن أن عقولنا تتسول الفهم وتعمى عن عورة الإستحمار ، فلقد روضنا الدهر بصبرنا وارتوينا من عسيلة اليقين

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى