خطابات النواب في الموازنة

خطابات النواب في الموازنة
د. قــدر الدغمــي

بداية تميزت كلمة رئيس الحكومة في معرض رده على كلمات النواب في خطاب الموازنة بالوضوح والواقعية وحضور الأرقام، وابتعد عن الأسلوب الإنشائي إلا فيما اقتضى ذلك من تنسيق للأفكار وصياغتها في سياق الرؤى والطرح المرتبط بالآفاق المستقبلية لحكومته، وقد كان رصين الأسلوب دقيق الملاحظات مبتعدا ومعلنا عدم رده على عبارات التجريح والذم الشخصي.
قانون الموازنة لسنة 2020م كغيرة من قوانين الموازنات التي عرضت في السابق على مجالس النواب السابقة التركيز فيه على حجم العجز وارتفاع مؤشرات الدين العام والفرق ما بين الإيرادات والمدفوعات، والمهم أن تعمل الحكومة جاهدة في إزالة التشوهات والاختلالات التي عانت وتعاني منها موازنة الدولة الأردنية والخروج بحلول من شأنها تخفيف العبء على كاهل المواطن، وهو بالنهاية تحصيل حاصل.
لقد كان حضور القضايا السياسية ضعيفا في خطابات النواب، إلا في موضوع اتفاقية الغاز مع إسرائيل حيث كانت الرسائل المنثورة حولها موجهة مباشرة في توجيه الاتهام لتورط هذه الحكومة بها، فكانت الوجاهة في الطرح من نصيب البعض، وكانت الشخصنة بادية في كلمات البعض الآخر ، وكان الطريق إلى تصفية الحسابات والاقتصاص من بعض وزراء هذه الحكومة واضحا وجليا خاصة ممن دخلوا في التعديل الأخير.
بعض النواب من جانبه كان متحمسا وكأنه ينتظر على أحر من الجمر الوقوف على المنصة ليمرر بعض الرسائل الانتقامية المتجمعة في صدره لحاجة في نفسه وبأسلوب استفزازي مكشوف، وإن حاول بطريقة ما أن يتخذ مظهرا حياديا في كلماته ويستعير له غطاء أو مظلة ليتوارى تحتها من منطلق حرصه على المصلحة الوطنية، حيث كان أبعد ما يكون عن الموضوع المطروح للنقاش، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم معرفتهم لا بل ولا حتى قراءتهم ولو بشكل سطحي لمشروع قانون الموازنة.
والبعض منهم – مع احترامنا لإرادة الناخب الأردني- لا يستحق مجرد تسميته بنائب وطن، للعجز في البيان والقصور في الأفكار، والركاكة في التعبير، وليت أولئك لم يحضروا المناقشة، أو إنهم حضروا وليتهم سكتوا، أما القلة القليلة منهم فقد كانت كلماتهم فيها صدق وبلاغة وفصاحة ونباهة، وملامسة لصلب الموضوع ولقضايا الوطن والمواطن في العمق والصميم.
الواضح أن معارضة بعض النواب للحكومة معارضة شكلية لا تحمل في مضمونها إي برنامج بديل إلا النقد والتهديد والوعيد والصراخ والصوت العالي، بهدف دعدغة عواطف جمهور الناخبين خاصة من أولئك الذين منحوا الحكومة ثقتهم، ويتغنون بإنجازاتها الوهمية على أرض الواقع.
أرى بأن منبر مجلس النواب منبر عال جدا، لا ينبغي أن يتاح إلا لمن حباه الله بفصاحة اللسان وبلاغة البيان والنزاهة وصحوة الضمير، والمعرفة والدراية فيما نحن قادمون عليه، وليتنا في قادم الأيام نرى في برلماننا نوابا يثلجون الصدر في كلماتهم وطروحاتهم، خاصة عند الحديث عن قضايا والهموم التي تتعلق بالمواطنين ضمن رؤية وأدلة واضحة بدلا من نواب “الأكشن”، ممن وجهوا كلماتهم الاستعراضية أمام عدسات التلفزة، لكسب التأييد والثناء الزائف، فالموطن اليوم يرى بأذنه لا بعينه وأصبح يميز بين النائب الممثل له والنائب الذي يمثل عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى