لماذا لا يتم تجديد جوازات سفرهم ؟

لماذا لا يتم تجديد جوازات سفرهم
ماهر ابو طير

هناك عدد كبير من الاردنيين المطلوبين للجهات القضائية، واغلبهم على قضايا مالية، ويعيشون حاليا خارج الاردن، وهؤلاء باستثناء المجرمين، او الرؤوس الكبيرة لعصابات، غادروا الاردن، على خلفية عدم القدرة على سداد التزاماتهم المالية، او التعثر، وليس بسبب النصب او الاحتيال.
هؤلاء يعيشون في دول، ويحملون اقامات تلك الدول، التي يتم منحها على اساس جوازات سفرهم الاردنية السارية المفعول، وبعضهم يحاول حل مشاكله المالية، من اجل العودة للاردن، والبعض الاخر، يسدد تدريجيا التزاماته، لكنهم جميعا، تتم معاقبتهم مرتين، المرة الاولى بسبب صدور احكام ضدهم، وادراج اسمائهم ضمن المطلوبين للتنفيذ القضائي، والعقوبة الثانية، منع تجديد جوازات سفرهم اذا حاولوا تجديدها، عبر البعثات الدبلوماسية، او عبر عائلاتهم في الاردن، بسبب التعميم عليهم، وهكذا تتضاعف مشكلته الاساس، فيصير مخالفا في الدولة المقيم بها، ويصبح مقيما غير شرعي، ومطاردا من سلطات تلك الدولة، اضافة الى فقدان اغلبهم لاعمالهم، التي قد ينفقون منها على اسرهم، ريثما يتم حل مشكلتهم الاساس.

هل هناك سند قانوني واضح ومحدد، يسمح لاي جهة عدم تجديد جواز السفر، لاي شخص في الاردن، وانا شخصيا لا امتلك اجابة قانونية، لان الاصل عدم اخضاع تجديد جواز السفر، لاي وضع آخر، سوى مواطنة الشخص، سواء كان مطلوبا، او غير مطلوب، اذ لا يصح اساسا معاقبة المرء مرتين بهذه الطريقة، وتصنيع طائفة من الاردنيين المطلوبين في الخارج، الذين يصبحون بلا وثائق سارية، فلا يسددون التزاماتهم في الاردن، ولا يسمحون لهم حتى بتدبير امورهم بالبحث عن عمل او السفر او البحث عن حلول لاجل تسوية مشكلاتهم الاساسية؟!
من ناحية حقوق الانسان، فإن المجرمين وكل الذين يخالفون القانون، بدرجات مختلفة، لديهم حقوق معروفة، ولا يصح ايضا، بذريعة وقوع الانسان في خطأ الاستزادة في التنكيل ومعاقبة الانسان، خصوصا، ان عدم تجديد جواز السفر بهذه الطريقة، بهدف اجبار المطلوب على تسليم نفسه، او حل مشكلته، يعد ضغطا غير قانوني ولا يمت الى روح الدستور بصلة، خصوصا، ان هذا الاجراء يؤدي الى تدمير حياة الشخص المطلوب، وبعضهم مطلوب على قضايا شيكات بألف دينار، او بضعة الاف، او بسبب مشاكل تعرضوا لها عنوة، وليس دلالة على سوء الخلق والمسلك، وتعمد الجريمة.
الامر يمتد الى بقية الوثائق، بما في ذلك هوية الاحوال المدنية، والقصة كلها ترتبط بقانونية اتخاذ هكذا خطوات من الجهات المختصة، اذ لا يكفي التذرع بحاجة الدولة للضغط على المرء من اجل تسوية مشكلته، فهذا تذرع يبيح ايضا، اتخاذ عشرات الخطوات غير القانونية، والكل يدرك ان هناك معايير وأسسا، حتى بشأن المحكومين والمطلوبين، ولا يجوز فتح باب التفنن في العقوبات، كيفما ارادت بعض الجهات.
هناك عدد كبير من الحالات، اليوم، من الاردنيين في الخارج، تعرضوا الى اشكالات مالية، ويعيشون خارج الاردن، وحرمانهم من تجديد وثائقهم، يعني تدميرهم في حياتهم، وانهاء اقاماتهم، وتحويلهم الى مطاردين ومخالفين في تلك الدول، فوق ان هذا الاجراء، يلغي اي امل في حل المشكلة المالية الاساسية، كون الممنوع من تجديد جواز السفر، يصير بلا اقامة وبلا عمل، فتسوء احواله كليا، بدلا من منحه فرصة لاستعادة انفاسه، وتسوية قضاياه هنا في عمان، وعلينا ان ننبه الى ان اغلبهم تعيش معهم عائلاتهم، ومنع تجديد الجواز يعني الغاء اقامته في تلك الدولة، وتحويل عائلته، الى عائلة بلا اقامة رسمية، وبلا معيل ايضا، بسبب فقدان العمل، وكأن العقاب هنا، يصير جماعيا.
دلونا فقط، على السند القانوني، الذي يبيح عدم تجديد جواز السفر، لاي شخص اردني، داخل البلد، او خارجه، ولاي سبب كان، فحتى القاتل لا يحق لاي احد تجميد مواطنته؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى