” فالنتعسكر ” / محمد الدويري

عندما تشاهد أشاوس الجيش العربي المصطفوي وهو يعمل على فتح الطرق المغلقة بسبب تراكم الثلوج، ويساعدون المواطنين في ازمتهم بسبب حالة الطقس العصيبة، ويمدهم بالمعونة والمساعدات، بحرفية مطلقة، تتأكد أن أكبر خساره على مجتمعنا الأردني هي إلغاء خدمة العلم التي تصنع رجالاً كما هؤلاء.

تزور اي منطقة في الاردن من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، غير تلك القليلة المخملية في عمّان، تتفاجئ بحجم الدمار في البنية التحتية، وحفر الشوارع التي كما لو انها “طبق بيض” اشي طالع واشي نازل، وأشجار “الدفلا” في الجزيرة الوسطية التي تتمنى أن تحلق غصونها القاحلة المتيبسة، وأعمدة الكهرباء الحمراء الصدئة، ونوافير المياه التي تنبع في الشوارع من كل “كوع” او محبس هرمت مسنناته، يعني الفساد الاداري واضح بملامح الوطن كالثواليل بوجه العروس.

في المقابل نحن وطن يملك جيشاً من ذات عصبه ونفسه بشهيقه وزفيره، نُجابه باخلاصه وآمانته جيوش العالم مجتمعه، حيث أن كل من يلتحق بصفوف القوات المسلحة (وأنا نادم على اضاعة هذه الفرصة ) يتغنى بالضمير الحي و صفات الرجولة، وتجيش عواطفه مرتعشة خوفاً على وطنه من برد الشتاء وحر الصيف بعيدا عن ” الفير بليس” أو “الكوندشن”، يقدمون كل ما يمكنهم بروح التفاني والمودة لاسعاد الشعب وحمايته، فلماذا لا نعسكر كل شيء كخطوة حازمة جازمة لانهاء الفساد من جذره المسرطن المشرش في اعماق الوطن ؟؟!!!

لنسرح في الخيال سوياً …. ستتم عسكرة المدارس واشراف كامل عليها من قبل الجيش العربي، يعني – تجنيد جميع المعلمين واخضاعهم لكافة شروط التجنيد – برتب خاصة بالوسط التعليمي محدودة لإعطائهم تصنيف داخل اروقة التدريس فقط، ويمارس الطلاب تدريبات عسكرية صباحية والتقيد الكامل بالنظام والسير بخطى ثابته بوقع موحد وخبطة على الارض هدامة، ويخضعون لجولة تفقدية على الشعر والاظافر وغيرها من مقومات الاناقة والنظافة، وسنعمل على اعداد مساقات تعليمية تتكلم بالدرجة الاولى عن رجالات الوطن القدامى الذين زرعوا بصماتهم في قلب الوطن وانعشوا روحه بدمائهم الزكية، وتتطرق لفوائد قيم الامانة والاخلاص والولاء والانتماء لله والوطن ثم القيادة ودورها في بناء الحضارات، وتفصيل مساقات تعليمية أخرى تشير الى ان الفاسد والكذاب يعلق من لسانه والله بحطه بالنار.

مقالات ذات صلة

فالنتعسكر و نعود الى “طبق البيض” الفاسد، تلك الشوارع المهشمة … فالغش وفقدان الامانة وجشع المقاولين يحول بينهم وبين صناعة بنية تحتيه ترقى لان تكون حضارية، فلنتخيل أن نعسكر وزارة الاشغال العامة مثلاً … ونشاهد المهندس عقيد الاشغال العامة “مجحف الزقاريطي” (اسم مستعار) يقتني بزته العسكرية ويعتلي بسطاره الشامواه، ويتفقد سير الاعمال وتعبيد الطرق عالخيط، ويجوب الشوارع والحارات بالكونتننتل، وسلاح الهندسة في الجيش الاردني الذي سمعت عنه روايات كثيرة بانه من أمهر الفرق العسركية العالمية في التخطيط هو المرجع والمستشار الهندسي لسير الاعمال الانشائية، و جرف الفساد القديم وانهاءه كلياً.

فالنتعسكر ونرا موضفوا امانة العاصمة وهو يصطفون الطابور الصباحي قبل ولوج أشعة النهار الوليد، وعمدتهم يقفز امامهم بنشاط وروح مرحه باللباس العسكري وشعره الاشيب يشع نظارة، ليخرجوا للشوارع كاسحين الكتل الثلجية بهمم عالية، وحناجرهم تصدح “أردن أرض العز”، بدلاً من أن تغرق البلاد وينجمد الناس.

برأي حل مجدي فقط لاننا نملك هذا الجيش دون غيره .. فالنعسكر الدوار الرابع والعبدلي، ونعسكر الوزارات والاتصالات، والمستشفيات والعيادات الصحية، والاسواق والمخابز، والملاحم، ووسائل النقل، والجامعات التي يطول شرحها لعسكرتها، وندوس على الفساد والفاسدين والترهل الاداري ببسطار الجيش، ونغني كلنا “جيشنا جيش الوطن سمينا باسم الله”، فالمؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي تؤمن بالنظام، وتنصف المظلوم، وتحاسب كل مخطئ و مقصر.
#محمد_الدويري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى