حماقة النخبة وسقوط المرحلة ! / بسام الياسين

حماقة النخبة وسقوط المرحلة !

{{{ بعيداً عن لغة التشفير والتورية وبلغة عربية فصحى ، ان اكثر خيباتنا مرارة ،خيبتنا في نخبتنا التي ترى الوظيفة مطية و اموال الوطن غنيمة.نخبة همها مراكمة ارصدتها،تاركة مواطنيها يلهثون خلف اللقمة فيما بعضهم يعتاش على ما تتكرم به حاوياتهم الدسمة.مصيبتنا الاكبر، ان النخبة تفتعل الازمة تلو الازمة لمشاغلة الناس لاجل نسيان الخيبات السابقة وهكذا لا تتوقف طاحونة الخيبات وفبركة الازمات.فبدل حل المشكلات المزمنة منذ تأسيس الدولة الى انتفاضة بحارة الرمثا على الفقر والبطالة.نجدها تبني الاقتصاد الوطني على عوائد السجاير المغشوشة و السجائر الالكترونية والخمور المستوردة.اقتصاد هش جعل 54 % من العائلات الاردنية تحت خط الفقر، بينما البقية الباقية على الحديدة :ـ ” يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف “.حقيقة يتعامى عنها اهل القرار، اننا شعب يعيش يوماً بيوم ، باستثناء الحلقات الضيقة المتنعمة بانواع الرفاهية كافة على حساب اكثرية معدمة }}}.

*** لم يكن يختلف عن الآخرين في شيء،الا ان شخصيته المهلهلة، كانت تسترعي النظر، و صلعته المفلطحة تثير العجب، كأنها خرجت للتو من قالب معطوب ضربه العفن.المفارقة الفارقة ، حينما يرتدي ملابسه الرسمية،ساعتئذِ تطول قامته، و يغدو مهيباً ذا ابهة ،اما صلعته المقززة تصبح رمزاً للذكاء، بعد ان كانت مثاراً للسخرية،ناهيك عن لقبه رجل المهمات الصعبة ، رغم انه لا يساوي في سوق الرجال ” تعريفة “. فلقد امضى عمره،معزولاً لجلافته وخشونة تعامله،فتحاشاه الناس وتجنبوا الاحتكاك به.لشخصيته العدوانية وولعه بايذائهم.فه مفطور على الشر، والتعذيب هوايته.اما تفسير مجايلوه ،لشخصيته الملتوية،يعود الى طفولته السلبية وتنّمر اقرانه عليه بطريقة مهينة ،ما حفر جروحا نازفة في وجدانه ولدت عنده عقدة السخط على الكافة حتى لم يسلم ابوه و امه منها لانهم بنظره اورثوه جيناتهم المهزوزة.

ابرز سمات شخصيته،انه يتحدث مع مرؤوسيه باستعلاء، كأنهم رعيان في مزرعة ابيه، ذلك لتغطية نقصه وخلق توازن مع غيره.الانكى تعامله مع مراجعيه بازدراء كأنهم مصابون بنقص في المناعة،فيما متعته الكبيرة تتجلى في اهانة غيره.تراه ان ظفر بضحية ، يعود لبيته مأخوذاً بجبروته، مزهواً بقوة صلاحياته،وهو لا يدري انه يجسد شخصية سيكوباتية فاقدة الاحاسيس الانسانية.ذات يوم ، شعر بضيق في صدره وسحابة سوداء تغرقه بامطار حمضية سامة، تُميت ما بقي في داخله من بقايا انسانية .فخرج للشرفة المطلة على الشارع العام، لعله يخفف من وطأة كوابيسه و يُرخي اعصابه المشدودة كحبل اعدام يلتف حول عنقه..

صوبّ نظره للبعيد على غير عادته، فهو لا يرى عادة ابعد من ارنبة انفه. تعجب لرؤياه .تحسس رأسه واستعاذ بالله ثلاثاً.فهو يعرف نفسه، ضيق التفكير،افنى ايامه بين جدران ضيقة ودهاليز معتمة.فمن اين اتى الانفتاح بعيد المدى ؟!. وكيف اشرق الوعيْ فجأة، فاكتشف انه قزم حتى لو اعتلى قمة جبال همالايا.مشكلته الكبرى حين استفاق ضميره على حين غرة، فامطره بمجموعة اسئلة عصفت بذهنه، تتمحور كلها حول ” اناته المريضة :ـ هل انا مجرد هراوة ينتهي دورها حين تنكسر على رؤوس الناس ام ان حياتي السياسية تنتهي عندما يركلني ولي الامر بحذائه ؟!.هل انا صندوقه الاسود ام ارشيفه السري الذي سيصيب من يقرأه بالصدمة ؟!.

باغت نفسه معترفاً بالعبء الاخلاقي الذي ينوء تحته قائلاً :ـ الصدق منجاة والاعتراف بالحق فضيلة… الحق انني اجرمت بحق نفسي وحق الناس كافة لإجل حفنة دولارات وبضع نياشين بلاستيكية…لنفترض انني فلت من القانون،فاين اهرب من الله و جوارحي كلها تشهد ضدي ؟!.يا الله لم يعد في العمر بقية،وها انا ارى قبري على بُعد خطوة مني ؟!.

دخلت زوجته، فوجدته يتحدث مع نفسه.سألته ان كان يعاني من سخونة في بدنه ؟…اومأ برأسه نافياً.اردفت اذاً، اصنع لك فنجاناً قهوة ليعدل مزاجك؟.نهرها بعصبية، طالباً منها ان تكف عن الثرثرة وتغيب عن وجهه. في الاثناء، حطت ذبابة على وجهه .طردها بقوة، لكنها عادت لتحوم حوله وتطن في اذنه. غضب وحاول اسقاطها بالضربة القاضية الا انها افلتت منه،بينما فقد توازنه وسقط ارضاً بدل اسقاطها.

نفض الغبار العالق بثيابه بعد معركته الخاسرة مع ذبابة،وما ان هدأت انفاسه حتى خرج صوت من اغواره صم آذانه.ماذا لو احالوني للتقاعد ؟! حينذاك سأعود صفرا ونكرة،تلاحقني اللعنة مثل ـ كفار مكة ـ وتنهال الشتائم عليَّ كما تنهال على ابليس الحجارة. كيف اتطهر و قد امضيت خدمتي في الاساءة للناس ولم يسلم احد من شري ـ لساني بذيء ويدي طويلة ـ مع ان عقيدتنا السمحة تقول :ـ المسلم من سلم الناس من يده ولسانه .

لم يحتمل المكاشفة ، فقفز من الشرفة للشارع،و تحول في لمحةٍ من فرعون يستعلي على خلق الله الى جيفة تثير اشمئزاز المارة . شاع خبر القفزة بسرعة نظراً لمكانة المنتحر.فاجمع الجميع على قول جملة واحدة :ـ الله لا يرحمه ـ.لكن قلة قليلة، اصرت على اضافة كلمة لتكتمل الجملة:ـ ـ الله لا يرحمه و يلعنه ـ.في هذه الملحمة كان لديدان الشارع دورها في الزحف صوب الجثة ،باستثناء دودة مُسنة تحركت ببطء وحذر لتنال حصتها.ولما اقتربت من الجثة،تقززت عائدة ادراجها، مؤثرة الموت جوعاً على ان تقتات على النتانة ؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى