حكومة تكافل

حكومة تكافل
‏نور الجابري
صادف أني مررت بالطريق نفسها و في نفس الموعد مرتين خلال هذا الأسبوع ،من مدينة الزرقاء مرورا بوسط البلد ،لغروب الشمس في هذه المنطقة عبقٌ خاص حيث تنكسر اشعة الغروب على البيوت لتصبغ لونها البني بشفق قرمزي ،راقبت الشرفات القديمة و اكاد أُجزم اةأن بعضها يؤول للانهيار و بعضها قد أصبح مهجورا ، مولعٌ انا بهذا المعمار القديم ،أخذت موقفاً لسيارتي و ترجّلت على الأقدام و أخذت أخاطب وجوه المارين ،لم اجد فيهم وجه غريب هذا العجوز الذي تبكي عيناه و يقلب جريدة تعود لسنوات الهجرة ،ذلك الشرطي الذي أوقف سائق الحافلة و هو الان يعيد له اوراقه المنتهية دون مخالفة ،شاب يدفع عربة بضائع و يساعده المارة عند عبور الرصيف ،طفل يحمل المصاحف و يبيعها للمارة ،عامل النظافة يحاور مجموعة من اصحاب المحال بانفعال ،إقتربت لأجدهم مختلفين على نتيجة احد مباريات الكرة ،يافطة لآحد الاطباء و قد مر عليها اكثر من خمسين عام و اسمه إسكندر على ما اذكر ،أبٌ و طفله الفرح بما يخفيه في تلك الحقيبة البلاستيكية ،هنا تكمن معاني التكافل ،بعيداً عن خطابات من يستحوذون السياسة ،بعيداً عن داوئر الدولة و اروقة رئيس حكومتها ، هنا لا مقابل للمعروف ،هنا الصالحين الشرفاء ،و هنا من يدفع الثمن ، لا من يلقون الخطب أمام الشاشات، هنا الكادحون ينتظرون غياب الشمس لكي تغفوا آلامهم ،هنا يمر مشيا على الأقدام من يتحمل أعباء قرارٍ ما لصالح احدهم ،و هنا المكان شاهد عليكم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى