حق شهداء البحر الميت لم يؤخذ بعد

سواليف – خاص – احكام الدجاني

في اخر لقاء، قبل يومين تحديداً، حضرت اجتماع أهالي شهداء البحر الميت .. لم يكن اللقاء طبيعيا .. او زيارة عادية.. ساعتين من الزمن والحديث نفسه .. وصور الشهداء موزعة في المكان تحيط بنا .. وارواحهم ترفرف حولنا.. ذكريات سنتين مضوا وحتى إعادة تفاصيل يوم الحادث مع التأكيد لي ان هذا هو الحديث المكرر في كل جلسة لهم.
يجتمع الأهالي سواء أهالي الشهداء أو أهالي المصابين سويا.. وصور أبنائهم لا تفارق الجلسة، الصور ما زالت موجودة بالهواتف، الفيديوهات للحادث، حتى ذكرياتهم بالمدرسة وخاصة يوم الرحلة بالباص وقبل الوصول.. كانت لحظات فرح وسعادة وإصرار على المغامرة.. كل شيء موثق في هواتف الأهالي وكأن الحادث حصل اليوم .. ولم يمر عليه سنتين.
تقول لي احداهن وصوتها متعثر ببعض الدموع المحشورة .. نذهب للقبر بشكل دوري ونحكي للشهداء عن كل شيء تفاصيل حياتنا ويومياتنا ..
نعم، تذهب العائلة كل أسبوع لزيارة قبور أولادهم للحديث معهم حول كل المجريات وكل ما هو جديد في البيت، المدرسة، الأخوة، وحتى الوضع الوبائي..
وتؤكد لي والدة الشهيدة راية القرعان ان الحزن يزداد مع مرور الأيام خاصة لانهم لم يأخذوا حق ما حصل مع أولادهم .. يوجد حق ضاع وهذا ما يشعرنا بالتقصير تجاههم. فالقضية تكيفت على اشخاص معينين كان لهم دور من ناحية تقصيرية او من ناحية إدارية تنظيمية اما مسبب الحادث وحيثياته لم يتطرق لها احد لحد الان.. وهذا ما يجعل الألم ألمين والحزن اعمق لشعورنا انه لم يتم انصاف الشهداء بل تم اغتيالهم.
روح راية موجودة معنا صورها كل شيء يتعلق بها بالبيت حتى لما انادي على اخوتها انادي عليها بطريقة عفوية .. لم نعترض على حكم الله ولا على قضائه ولكن الفراق صعب وحق راية وكل الشهداء في ذمتنا الى ان يأخذ العدل مجراه وننصف حق أولادنا ليرتاحوا في قبورهم ونحن نرتاح مع حزننا عليهم.
اخذت تصريح بالحجر حتى ازورها كل أسبوع ولا انقطع عنها .. اتونس بها .. وكلما تذكرت ان ما حصل يوم الحادث كان فزعة مؤقتة ولربما كان بالإمكان انقاذ ابنتي او أي شهيد يعود لي الإصرار ان حقهم لن يضيع طالما نحن الأهالي نؤكد وندافع ونطالب بمعرفة كل الحقيقة وكل ما جرى في ذلك اليوم.
والدة المصاب عمر الصعوب تؤكد ان مشاعر غضب سنتين تتراكم ولم نلمس أي نتيجة.. وجع أهالي الشهداء وجعنا ومصابهم مصابنا ولو اخذ الجميع حقهم قبل سنتين كان الكل ارتاح..
وتضيف: ما اصعب شعور التفتيش على ابنك او بنتك وقتها.. كنت مسافرة فعشت اصعب لحظات عمري فقط على اتصال مع زوجي واهلي الى ان قرأنا على مواقع التواصل الاجتماعي بأن عمر مصاب وبخير وتم الوصول اليه.
التنقل بين عيونهم صعب .. حتى في نظراتهم لبعضهم البعض.. فيها التعزية والحزن وصداقة الأبناء والبنات .. رحلوا في عمر الورود والمعظم اجمع عن اصرارهم وفرحتهم بالرحلة قبل بيوم.

جلست قرب والدة الشهيد طلال العساف.. بكت وبكت وبكت .. وقالت ان غبت عن زيارة طلال لأي سبب اشعر انه ينتظرني وأقول لمن حولي خذوني لازوره ولا يهدأ قلبي الا عند زيارته اشعر انه ينتظرني.. “كل ما اروح بحكيله شو صار بالبيت اخوانه يسألوا عنه”.
رحلة الشهداء لم تنته بعد .. حتى ان الطقس لم يكن مستقرا في ذكراهم الثانية .. والأيام كلما طالت زاد الوجع الى ان يأخذ الأهالي حق أولادهم وبناتهم الشهداء بمحاسبة كل من قصر وكان سببا خسارة 22 روحا بريئة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى