بشهادة شاهد من أهله / توجان فيصل

بشهادة شاهد من أهله

نائب رئيس الوزراء الأردني رجائي المعشر بنكي كبير, ولكن مثله أيضا رئيس الوزراء ولكن بحجم أصغر, بدلالة إدارته للبنك الدولي, وأيضا لكونه حين قرر الوزير المعشر الإستقالة من رئاسة مجلس إدارة البنك الأهلي لينفي عن نفسه صفة “البنكي” حين يتخذ قرارات مالية حكومية, وضع الرزاز محله بعد تنحية قريبه من منصب نائب رئيس المجلس.
ومعروف أن المعشر هو صاحب مشروع قانون الضريبة الجدلي الجديد. وإعادته من الحكومة التي أسقطها الشارع الأردني, للحكومة الجديدة كوزير مالية ونائب للرئيس, شكل أول رسالة سلبية لتشكيلة حكومة الرزاز. ويبرر المعشر عدم رفع, ثم رفع بسيط( 2%) للضريبة على البنوك, بقوله أن المواطن هو من سيتضرر في النهاية كون البنوك ستزيد اقتطاعاتها ,كونه حاليا “63% من دخل المواطن يذهب للبنوك وفق آخر دراسة قامت بها الحكومة”! والغريب أن قانون المعشر الضريبي الجديد لم ينص على إعفاء دخل الفرد والأسرة الذاهب للبنوك من ضريبة الدخل. كان القانون السابق يعفي فقط الفائدة المدفوعة للبنك, وليس القسط, وهو ما قد يثبت في القانون االجديد.
والأهم الذي ثبت لي في معركة حق عام خضتها مع بنك قام بشراء بنك أجنبي, حين بدأ برفع اقتطاعاته على 300-400 دولار تحول لي ليصل الإقتطاع لخمس وثلاثين دولارا, رغم اتفاقي السابق مع البنك الجديد على نسبة اقتطاع أقل بكثير لقبول إبقاء حسابي الذي هو بالدولار لديهم. وراوغ البنك حين راجعته باتهامه مصدر التحويل, ما نفيته مستندة لتاريخ عملي مع مؤسسة محترمة.. وفي النهاية قلت: لنفترض أن الجهة المرسلة اقتطعت أغلب المبلغ ولم ترسل سوى مئة دولار, كم ستقتطعون منه انتم . فجاء رده “35 دولار”..هذا وأنا مودعة وجالبة للعملة الصعبة, ولست مقترضة!!
وهذا ما جعلني أبقي حسابي في البنك المذكور مضحية بافتطاعات كهذه وغيرها لأشهر تلت, ليمكنني تبنى قضية كل المغتربين الذين تحويلاتهم هي الرافد الرئيس للعملة الصعبة للأردن. فاتصلت بالبنك المركزي الذي طلب مني تقديم شكوى خطية قدمتها متكبدة مصاعب عدة ليس هنا محل سردها, ولم يجر الرد علي. فخاطبت محافظ البنك المركزي(الحالي) شخصيا معلنة مسؤوليته عما يجري.. فجاءني الرد متأخرا ويتلخص في نص مادة في قانون البنك المركزي تطلب من البنوك “التعامل بعدالة” مع العملاء, دون تحديد معنى العدالة !!
وحقيقة البنوك معروفة للدولة ولكن ليس للجميع, كون غالبية الناس لا تقرأ للمتخصصين بالذات في أمور صعبه كالقانون والإقتصاد , كون أعلب الكتاب لإفقتصاديين ولاءاتهم للبنوك لحيتان المال .ولكن أظهرحقيقة البنوك هذه جلية الكاتب الإقتصادي (الراحل في التاسع عشر من آذار المنصرم),الأستاذ فهد الفانك. والفانك بالذات لم يكن يُقرا بتمعن من قبل كثر لكونه صنف ككاتب “دولة” يدافع عن قرارتها. ولكنه في الخقيقة احتفظ بهامش حرية دقيق يحول دون وقفه عن الكتابة, كما جرى له في زمن حكومتي كل من زيد الرفاعي ومضر بدران..ما اضطره حينها للكتابة بأسماء مستعارة. والأهم انه احتفظ بأمانته العلمية. ومن أهم ما قام به كان التأشير على ما كان يجري للدينار عام 1988. ومؤخرا في نهايات حياته حرص على إظهار الأكبر بصراحة أكثر.
وعن حال البنوك, يبين الفانك في مقالة له نشرت 1-12-2017 بعنوان “أردنة البنوك”, أن 57% من ملكية البنوك العاملة في الأردن تعود لجهات غير أردنية. وأورد أن المؤسسات الدولية اعتبرت هذه النسبة العالية جدا نقطة ضعف, ما جعل البنك المركزي في تسعينات القرن الماضي يدعو لأردنة البنوك بتحويلها لشركات مساهمة عامة.. ولكن هذا تم استبداله بمقوله “أن البنك المركزي عالجها بالتشدد في مراقبة أعمال البنوك للتأكد من التزامها بالمصالح الوطنية”!! وتجربتي العملية التي أوردتها, عينة تثبت حقيقة تلك المراقبة وذلك الإلتزام! فيما ما نقله من “عدم التساھل في أخذ احتیاطیات المراكز المالیة للبنوك، سواء من حیث كفایة رأس المال…لمواجھة أیة خسائر محتملة” فإن الكاتب نفسه يقول في نهاية مقالته أن “البنوك تمسك بمفاصل الاقتصاد الوطني وتستطیع أن تعطي وأن تمنع، وإذا كانت الأولویة بالنسبة لأغلبیة أعضاء مجالس الإدارة …ھي زیادة الربح والحد من المخاطر, إلا أن البنوك تظل بمثابة القلب النابض الذي یجمع الدم (المدخرات) ویحقنھا في شرایین الاقتصاد الوطني. في جمیع الحالات، لا بد من ملاحظة أن الشركات والمشاریع العادیة تعمل برأسمال مصدره المساھمون، في حین أن البنوك تتصرف بأموال المودعین التي تعادل أضعاف رأسمالھا وتستوجب الحمایة”..
والغالبية الساحقة للمودعين هم الأردنيون,فإذا كانت الحماية للمودع الدائن -إن لم يكن حوتا – كما بينت من تجربتي كمودع صغير, فكيف بحماية المدين الذي أغلب دخله يذهب للبنوك ما يضاعف نسبة الضريبة المحتسبة على مجمل دخله مرتين او ثلاثة.. فيما 57% من أرباح البنوك الباهظة المتحصلة من “دم” الأردنيين تذهب للخارج.. وتعلن الحكومة ومشرّعوها عجزهم عن تحصيل ضريبة “عادلة”من هؤلاء!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله في السيدة تو جان الفيصل التي كانت ارائها و مبادئها الوطنية منارة لكل اردني غيور على مصلحة الوطن و لم تكن يوما طابة لاي منصب او جاه

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى