ما هو الجَمال؟ / ماجد دودين

ما هو الجَمال؟

قد يتفق مُعظم الناس بأنّ الورود جميلة، وقد يُقرّون بجمال ليلٍ طويلٍ وسط الأنوار المتلألئة من القمر والنجوم، أو بجمال القمر نفسه، أو بجمال فجرٍ جديدٍ وهو يخطّ بضيائه في السماء لتتفتح الأزهار وتتمايل وتتأرجح مع النسيم العليل.

هل يتساوى الجمال مع ما هو جميل؟ أم هل هما مفهومان مختلفان بحيث يمكن أن نميّز أحدهما عن الآخر؟

فقد لا يكون المرء جميلاً، إلاّ أنه من الممكن تصنيف أعماله كشيءٍ من الجمال. لقد حاول الفلاسفة والحكماء على مرّ العصور تحديد وتفسير الاختلاف الدقيق الذي يعتبر هاماً في ذات الوقت بين الجمال وما هو جميل، ولكن يبدو بأن المثل القديم الذي يقول ” الجمال في عين ناظره” هو مثل صحيح. وبالرغم من ذلك فإن هذا القول لا يبدو مقنعا بالقدر الكافي، أليس كذلك؟

مقالات ذات صلة

قد يكون الجمال بسمةً مرسومةً على وجه من تُحب، أو شعوراً بالفخر يحمله والد لطفله. أنْظرُ إلى قطّتي فأرى الجمال؟ ولكن، كيف ترى قطتي الجمال من ناحيتها؟ أتساءل أحيانا إذا ما كانت ترى الأشجار جميلة أم أنها تراها مجرد أعوادٍ طويلة تحمل العصافير على أغصانها. إنّ قطتي تحتاج لبعض الأشياء مثل: الماء والطعام والمأوى والحب والاهتمام بالإضافة إلى كُرتها. إنها مخلوق بسيط وقدرتها على الشعور بالسعادة الناجمة عن أمور بسيطة تجعلني أراها جميلة، إلاّ أنّ هذه الأمور بالنسبة لها ليست بسيطة ـــ إنها كل شيء.

أين اختفى الجمال الذي عُرف في قديم الزمان؟ ففي الماضي كانت هناك التلال الممتدة والسهول الخضراء، وأصداء أصوات أجدادنا التي كانت تسافر مع أصوات الرياح. أمّا الآن، فتوجد الأسواق الكبيرة التي تتلألأ فيها الأضواء والفنادق الشامخة والمنازل الفخمة التي تساوي ملايين الدولارات. إنني أتساءل ماذا حلّ بجمالِ العالم البسيط بالرغم من أنني شخصيا أبحث جاهداً لأجد مكاني في هذا العالم. إن ندرة شيء مّا يجعله جميلا؛ كحجرِ ألماسٍ مثلا، أو إنسانٍ صادقٍ أمين وسط عالم الكذب والضلال… فقد جاء في الحديث الصحيح في صحيح مسلم في باب بَابُ رَفْعِ الْأَمَانَةِ وَالْإِيمَانِ مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ ، وَعَرْضِ الْفِتَنِ عَلَى الْقُلُوبِ قوله صلى الله عليه وسلّم(( ….فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ : إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا …)) نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

وفيما أتأمل أبدأ بالفعل بالإيمان بأن الجمال مهملٌ أيضا في أحيان كثيرة. هل ترى المرأة الواقفة في ذلك الركن … إنها جميلة؟ ربما اعتقدت ذلك، وربما كان ذلك هو رأي معظم الناس في البلدة… وبالرغم من أنها تسرّ ناظري إلا أنني لا أستطيع أن أجزم بأنها جميلة، وذلك لأنني لا أعرفها حقّ المعرفة…

ماذا لو كافح رجل مّا طيلة حياته فقط من أجل توفير لقمة العيش الحلال لأهله، ألا يمكن اعتباره جميلاً لمجرّد هذا الصنيع الرائع؟ برأيي إنه يمثل نموذجا لأروع صور التألّق والجمال. كيف يمكن لنا أن نصنّف الجمال؟ إنها في النهاية محاولة بائسة. وكلما حاول العالم أن يضع معاييراً لتحديد الجمال، فإنه يبتعد شيئاً فشيئاً عن جوهره ومعناه الحقيقي. ماذا يعني إذاً؟ إنه لا يعني شيئا وفي نفس الوقت يعني ملايين الأشياء. إنّه العاطفة والإحساس والشعور وهو أشمل من أن يتم تحديده.

صدقاً ليس بوسعي تعريف الجمال ولكنه…. جميل…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى