” #جنين #رمز_المقاومة وصراع السيادة”
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
في خضم الفوضى والانهيارات المتتالية والنشوة احيانا التي تعم أقطارنا العربية، وتحت وطأة صراعات تضيق بها صدورنا وتجتمع فيها الجراح، تبقى فلسطين هي الفراشة الحالمة في حديقة الكوابيس. أو لنكن صادقين، هي القلب النابض الذي يُذكرنا دوماً بجذور الهوية العربية، والتي يبدو أنها في جعبة التاريخ، نائمة أو “معطلة مؤقتاً” كما يحلو للبعض أن يسميها٫
فلسطين، الغائبة الحاضرة، تتوارى خلف العناوين السياسية المملة، لكنها دائماً ما تعود لتصرخ، “أنا هنا!”. تجسد هذه القضية جوهر الصراع في المنطقة وتؤكد أن الحرية ليست مسألة نزهة، بل معركة حقيقية تستدعي الاستيقاظ من غفوة الأمة التي اعتادت على النوم في خيمة عدم الاكتراث.
لكن، ومن دون أي مقدمات، سأقولها بوضوح: فلسطين ليست مجرد اختبار للإنسانية، بل هي اختبار لتماسكنا أو انشقاقنا كأمة. نحن أمام اختبار حقيقي لمواقفنا ومدى إيماننا بقدرتنا على تجاوز الانقسامات. فهل نحتاج إلى مزيد من الفوضى حتى نستيقظ؟ فلسطين أولاً، لأن من دونها سنظل نبحث عن هويتنا في ضوء شاحب وأفقٍ ضبابي، تعليق أوطاننا بين مطامع الخارج وتشتت الداخل.
الواقع اليوم في الضفة الغربية ينذر بالخطر. فقد شهدت العمليات الأخيرة في مخيم”جنين” اشتباكات عنيفة، في وقت تسعى فيه أجهزة السلطة الامنية الفلسطينية لتحقيق إنجازات لا تتعدى كونها كلمات على ورق، تجسّد مشهداً مؤسفاً من الكوميديا السوداء. هل يحتاج الاحتلال الإسرائيلي حقاً إلى تنفيذ مخططاته من خلال تصفية مقاومينا او كما تسميهم السلطة” قاطعين طرق او عصابات شوراع ” ما يحدث هو جزء من “استراتيجية” مدروسة تهدف إلى خنق أي صوت معارض ومقاوم ٫٫٫يتجلى التواطؤ بشكل واضح في الإجراءات الحالية، حيث تسعى السلطة إلى وأد المقاومة. ولكن هل يعتقدون حقًا أنه بإمكانهم قتل الروح الحية للامة من خلال مثل هذه السياسات؟ يثير تساؤلاتي كيف يمكن للسلطة أن تبقى في حالة من السكون بينما الشوارع مليئة بروح الفداء والمقاومة؟!
يبدو أن بعض قادتنا يغردون خارج السرب. إنهم يقعون في فخ السياسة المتآمرة التي تهدف إلى القضاء على المقاومين، مما يساهم في إفراغ الضفة الغريبة من أي منبر مقاوم، ليبقى الاحتلال يحتسي الحدث باطمئنان ٫عندما نتحدث عن فلسطين، لا بد من العناية بإحياء ضمير واعي، لا بمجرد دغدغة المشاعر، بل بترتيب صفوفنا أمام هذه السلسلة الطويلة من التحديات حان الوقت لتوجيه البوصلة نحو الصورة الأكبر
اللحظة التاريخية مسؤولية جماعية تجاه الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لزرع الفتنة بيننا. يجب أن نتجاوز خلافاتنا ونعمل على وحدة حقيقية.
لن ينجح مشروعنا الوطني إلا بتوحيد الصفوف وبناء البيت الفلسطيني فلنجعل قضيتنا المركزية هي القدس واللاجئين، رمز عزتنا.
في نهاية المطاف فلسطين ليست قضية عابرة، بل هي معركة الوجود والهوية. فإذا كنا نؤمن بقدرتنا على استنهاض الأمة من جراحها، فلندحر الفتنة الفلسطنينية ، ولنقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال، لنعيش جميعًا كأمة تمتلك حكاياتها، وواقعها، وأحلامها، دون تردد. فلسطين هي خيارنا الأوح