كي لا تكون قطعة خشب تتقاذفها الأمواج / رقية غرايبة

كي لا تكون قطعة خشب تتقاذفها الأمواج
رقية غرايبة

كي لا تكون قطعة خشب تتقاذفها الأمواج فتسير في كل اتجاه على غير هدى ولا كتاب منير ولكي لا تكون نسخة مستنسخة عن الآخرين

يقود أحدنا السيارة تلقائيا فلا يحتاج ان يفكر كيف يحرك عينيه او يده او رجله وهكذا كثير منا يقود حياته تلقائيا بدون وعي او بصيرة يمارس روتين الحياة يستيقظ يأكل ينام يتكلم يتعلم يعمل يتزوج ينجب اولاد يموت كباقي ملايين البشر

فالأغلبية من البشر تسير في حياتها وكأنها آلات تم برمجتها وتوجيهها

مقالات ذات صلة

توقف ….. خذ نفسا … تأمل … تفكر …. اسمع … انظر …. اعتبر …. وتبصر في نفسك وحياتك

الى أين تسير ولماذا … من أنت … ما هي حقيقة هذه الحياة

فأولا : نحتاج الى وضوح الرؤية لنعرف ماذا نريد والى اين نتجه حتى نستطيع ان نوجه بوصلتنا باتجاه غايتنا

ثانيا : فمن الضروري ان نعرف من نحن وحقيقة هذه الحياة كي نستطيع ان نحدد غاية قيمة صحيحة فتكون غايتنا منسجمة مع قيمتي كانسان ومع حقيقة هذه الحياة كي لا نكون كالأنعام بل أضل سبيلا

ثالثا : حينما نرقى بأنفسنا فنعرف من نحن ولماذا نعيش نحتاج الى منهجية علمية صحيحة من مصدر موثوق كي نسير على خطاها كي توصلنا الى غايتنا فبدون دليل سياحي سنضل الطريق ونتخبط المسير في بحور الظلمات والتيه والضلال

وهذه هي الغاية التي أتى بها القرآن لكي تكون أنت نفسك فلا تكون نسخة مستنسخة عن الآخرين وكي لا تكون قطعة خشب تتقاذفها الأمواج لذلك كل انسان مهما تكن مكانته الاجتماعية او العلمية او المادية حتى أبسط وأفقر انسان منحه الله عز وجل منحة الوقوف بين يديه سبحانه وتعالى في الصلاة بدون واسطة لكي تكون أنت

أتى القرآن يعرف الانسان بقيمته وغاية وجوده وبحقيقة الحياة وبين له المسار الصحيح الذي يوصله لسعادته في الدنيا والآخرة

لذلك فكثير من الآيات التي أتت تنبه الانسان بأنه مسئول لذلك عليه ان يكون واعيا مدركا مبصرا لنفسه ولطريقه ولمساره ولخطواته بل عليه ان يكون مبصرا لقلبه ولعقله ولطريقة تفكيره ومنهجيته في الحياة

كما اتت تحذر التحذير الشديد من التقليد الأعمى والتبعية العمياء بل تذمها الذم الشديد وتتهم اصحابها بأنهم لا يعقلون ولا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون ولا يتعظون

منها قوله تعالى :

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ {170} وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾سورة البقرة

وقال تعالى :

{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ} [الأنبياء:52-53].

وقال تعالى :
) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )سورة الاسراء 36

لذلك سيحاسب الانسان على كل قول وفعل بل وعلى نيته لأنه يجب ان تكون حياته قائمة على علم وبصيرة

وفي نفس الوقت من الجهالة الاعتقاد ان حقيقة الوعي بالنفس والحياة قائمة على نبذ كل قديم وموروث بل ان البعض يدعو الى نبذ الدين ايضا ، فليس كل عادة وموروث وقديم سيء وإلا كيف قامت الحضارات الإنسانية والإبداعات والانجازات العلمية وغيرها ، فقيم ومبادئ الحق ثابتة لا تتغير وان تغير اسلوب تطبيقها

وإنما حقيقة الوعي هو امتلاك الميزان العلمي الذي من خلاله نستطيع أن نزن الأمور بوعي ويقظة وبصيرة فتكون رؤيتنا وكل قراراتنا وأقوالنا وأفعالنا مبنية على أسس علمية صحيحة بعيدة عن التقليد الأعمى والهوى والظن

ولا يمكن أن يكون الميزان مستقيما إلا اذا كان من لدن خبير عليم حكيم عدل عزيز قوي

rogiagh@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى