مع بداية عام 1911، كان سكان #بلاد_الشام يعيشون شتاءً اعتياديًا، تخللته حالات من #الأمطار على فترات متباعدة، وفترات أخرى كانت الأجواء فيها مستقرة. استمر هذا الوضع حتى تاريخ 15 يناير من العام 1911.
شاهد الفيديو
في ذلك التاريخ، بدأت #الرياح_القطبية #شديدة_البرودة بالتأثير على المنطقة، حيث انخفضت درجات #الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي في المناطق الجبلية نتيجة #نزول_قطبي. تجدد هذا النزول القطبي مرة أخرى بتاريخ 20 يناير، وترافقت معه تساقطات ثلجية على المرتفعات. ثم ضربت المنطقة كتلة قطبية جديدة بتاريخ 24 يناير، مما جعل الأجواء شديدة البرودة لفترة طويلة. واستمر تدفق الهواء البارد للغاية نحو المنطقة لعدة أيام، حيث تساقطت #الثلوج على العديد من المدن والقرى خلال الثلث الأخير من شهر يناير.
لم تتوقف الرياح القطبية على غير العادة، بل استمرت الكتل الهوائية القطبية الباردة بالتدفق نحو المنطقة، مما أثار الذعر بين السكان. وبدأت الماشية بالنفوق نتيجة البرد الشديد، الذي استمر لفترات غير معتادة على الإطلاق.
مع بداية شهر فبراير من عام 1911، بدأت الثلوج بالتراكم بشكل تدريجي، حيث استمرت درجات الحرارة دون الصفر المئوي، ما منع ذوبان الثلوج. واستمرت هذه الأجواء حتى تاريخ 9 فبراير من نفس العام، حيث تعرضت المنطقة لكتلة هوائية قطبية جديدة أشد برودة من سابقاتها. نتج عن ذلك عاصفة ثلجية قوية غطت كافة مرتفعات بلاد الشام وأدت إلى تساقط الثلوج في مختلف المناطق. وتبعت هذه العاصفة الثلجية رياح قطبية جافة زادت من تعقيد الوضع ومنعت ذوبان الثلوج.
وهنا بدأت معاناة السكان تتفاقم، حيث نفقت أعداد كبيرة من الماشية والدواجن، وأصبحت عملية نقل الغذاء في غاية الصعوبة. ووفقًا لما ورد في بعض كتب المؤرخين، كان الوضع كارثيًا في ظل استمرار الكتل القطبية المتتالية والعواصف الثلجية حتى نهاية شهر فبراير وبداية شهر مارس. ومع نهاية الثلث الأول من شهر مارس، بدأت الكتل القطبية بالابتعاد عن المنطقة بشكل ملحوظ.
وقد سُمي هذا الحدث المناخي “ثلجة الأربعين يومًا” بسبب استمرار تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي لمدة أربعين يومًا متواصلة، مما تسبب بمعاناة كبيرة للسكان. الأجواء في ذلك الوقت وُصفت بأنها قطبية بامتياز، وشبيهة بالأجواء السائدة في روسيا وسيبيريا. ووفقًا لبعض الصحف القديمة، وصلت درجات الحرارة إلى أقل من 17 درجة تحت الصفر في مدينة حلب السورية وبعض المرتفعات العالية في الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان.
أما عن السبب العلمي وراء هذا الحدث المناخي، فبعد دراسة المنظومة الجوية آنذاك، وُجد أن القطب الشمالي كان يدفع بكتل ضخمة من البرودة نحو شرق أوروبا وغرب روسيا باستمرار، بالتزامن مع تمركز مرتفع جوي قوي ومتجدد فوق أوروبا وشمال إفريقيا. هذا التوزيع الجوي سمح بتكرار النزولات الباردة بشكل متواصل نحو المنطقة.
وبالنسبة لإمكانية تكرار مثل هذا الحدث المناخي مستقبلًا، فإن حدوثه في الماضي يعني أن تكراره ممكن بعد مشيئة الله، خاصة وأن هذه المنظومة الجوية قد تكررت خلال المئة عام الماضية بدرجات متفاوتة من الشدة.
والله تعالى أعلم.