موجات الهبوط وتزاحم العرض المتحلِّل

موجات الهبوط وتزاحم العرض المتحلِّل
الدكتور كمال الزغول

تُطلُّ علينا موجات من الهبوط الفكري ، ونشاز المعرفة، وحب الأنانية، وتفرُّد اللافنيين بالفن ،وتفرُّد اللاعلاميين بالاعلام ،وتفرُّد اللاسياسيين بالتحليل والتنجيم.
إن عدم انضباط بعض المحطات الفضائية (وأقول البعض) بالقوانين التي تؤدي رسالة الاعلام، والسياسة، والفن، يعكس هبوطا في أداء الأنظمة الادارية لتلك المؤسسات، ومن الواضح أن الشاشات اصبحت شاشات استئجار وليس ابداع، ولا تعرف أن رسالة الاعلام تأتي عن طريق دراسة ومعرفة وقوانين وثوابت يهتم بها المجتمع ويريد النهوض بها ،ولا يمكن أن تبقى المؤسسات والهيئات الاعلامية مكتوفة الأيدي أمام الأساءة للاعلام قبل غيره من قبل ما يسمى اصحاب الفن والمنجمين السياسيين ومن ثم الإساءة لتوجهات الاعلام المفترض أن تكون رصينة امام الجمهور عبر هذه المحطات .
عندما تعرض شاشات العرض المُعرَّاة من الفكرة والرسالة والكاسرة للقوانين والنظم سلوكا مريبا ،فإن ذلك يعكس ثمنا بخسا للأداء، ويعكس غموض البيئة التي ينطلق منها الفن ،وهذا يدفعنا الى التفكير في ماهية المؤسسة التي اشرفت على التربية والتعليم أيام تعلُّم وتدريب المنتج والممثل والمحلل ،وما هي التجارب العلمية التي مرّ بها في المراحل الأولى من حياته، وهل البيئة التي تحتويه يُمثلها أم هي تُمثله، لأنها تجبر المشاهد على أن يرى اشياءً لا يقبل بها هو ومجتمعه.
حتى منصات التواصل الاجتماعي تجد عليها من ينصب نفسه اعلاميا وسياسيا منجما وصاحب فن ،من دون حسيب ولا رقيب من قبل المؤسسات الاعلامية الرصينة، إن موجات الهبوط التي تمارسها بعض الإدارات المتلفزة بعرضها ما لا ينفع الناس بل يضرهم ويخوفهم بسبب ضحالة فكر المستعرض،يمثل غيابا حقيقيا للبناء المؤسسي والمعرفي، فعندما يساهم الفن في تجسيد الأنانية بفكرته وسوء التربية ، تصبح ثقافة الأزقَّة هي البديلة عن الأدب والعلم والثقافة، وعندما تُسيَّسُ الرسالة يُسلب من المواطن شيئان هما استلاب المنصات التربوية واستلاب المنصات الثقافة ،وعندها يضيع المنهج العلمي للفكرة ،وينشأ جيل محرَّف وملتوي بالجهل. وبهذا الخصوص ،فهل من مبادرة لوضع قوانين رسمية تضبط التعفن الفني ،وموجات الهبوط التي تعرض على بعض وسائل الاعلام المرئي وليس جميعها طبعا لأن هناك احيانا ما يستحق المشاهدة .
وفي النهاية ،وبالرغم من مسؤوليات الهيئات الإعلامية عن جودة ونجاعة الإصدار الفني والمعرفي على وسائلها ،ما زال نظام المسائلة في الاروقة الاعلامية للدول غامضا …ومن هنا تبرز بعض الأسئلة : من يقيِّم الأداء المعرفي في تلك المحطات الفضائية ومن ضمنه الفن والتحليل قبل عرضه على المشاهد؟! هل هو المجتمع أم الدولة أم كفاءة ومراقبة الأعلام المرئي على بعضه ؟! ومن الخطورة بمكان، أن يبقى التزاحم على العرض المتحلِّل مطلبا ، والتنجيم المتزلِّف منهجا ،بسبب نقص الفكرة وضعف عرضها وعدم المراقبة العادلة عليها!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى