عبدالرزاق عبدالواحد / كامل نصيرات

كنت أعرف سيرحل قريبا ..فكل من اقترب من أحد عمالقة الشعر العربي في العصر الحديث؛ يدرك أن جراح الرجل المعنوية لن تبقيه طويلا؛ كيف وهو النازف بازدياد منذ سقوط بغداد بيد الامريكان في التاسع من نيسان عام 2003 .. ؟؟!
لا أحد ينكر شاعرية عبدالرزاق عبدالواحد الفذة و المتفردة؛ حتى خصومه يعترفون بذلك ..لكن الخلاف معه دائما كان حول موقفه السياسي و اقترابه الحميم من (صدام حسين)؛ حتى أن الكثيرين طبعوه بطباع (المتنبي) حين كان في ركب سيف الدولة الحمداني .
مقابلتي معه و إجرائي حوارا تلفزيونيا مع ذاكرته قبل أشهر قريبة، ستبقى ماثلة بسخونتها و سخونة قصائده و طريقة إلقائه الأخاذة ..وإن كان في المقابلة قد بدا عليه التعب و بعض من ضعف الذاكرة ..إلا أنها حلقة تلقائية قال فيها معي ما قال و أعتقد بأنها ستؤول في أرشيفنا معنا يعود إليها الدارسون و المحبون كلما أرادوا سبر أغوار شاعر بحجم عبد الرزاق ..!
مات في باريس ..حيث قررت العائلة أن يدفن هناك .. رغم أنه كان يتمنى أن يدفن في عمان التي أحبها حبا شديدا وقضى فيها الشطر الأخير من حياته وذكرها في أشعاره؛ وكان يتمنى أن يفتح له عزاء فيها..كما قال لي صديقي الشاعر العراقي (فارس مطر) الذي كان قريبا من عبد الرزاق في سنواته الأخيرة و يعرف كثيرا من أسراره و خباياه ..وقال لي أيضا أن الجالية العراقية في الأردن قررت أن تفتح له (مجلس عزاء) في عمان حال اتمام عملية دفنه في باريس.
هذا هو قدر الشعراء الكبار دائما ..هم على قلق كأن الريح تحتهم ..لا يرتاحون حتى وهم وسط النعيم؛ فكيف بشاعر سحبت بلاده من تحت قدميه و تركوه يمشي حافيا من بلد إلى بلد ..
وداعا عبدالرزاق عبدالواحد ..و للحديث بقية في قابل الأيام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى