هل الشعب يتقاعد / فؤاد البطاينة

هل الشعب يتقاعد
أفلح النظام عندما أعطى ناس هذا البلد هامشا كبيرا من الحرية ونأى بنفسه عن استخدام القوة ضد معارض . فهذا الهامش قد أسهم بالكثير إيجابيا لدى المواطنين . فتح لهم باب الإسهام بالكلمة في الشأن العام ،وأشعرهم بالأمن النفسي ومكنهم من إفراغ شحنات الغضب بسلام ، وأثار عصفا فكريا جمعيا ، وبلور رأيا شعبيا بشأن كل ما يقترف بحق الاردن والأردنيين . ولم يفلح النظام حين لا يأخذ أو يتعامل مع مخرجات هذه الحرية ، وحين لا تؤدي غرضها . أنا لا أدعو الى التظاهرات والاعتصامات والحراكات ، ولا اناشد ديكورات الاحزاب . وكذا لا أدعو إلى لوم الحكومات أو أي جهة تنفيذية في الدولة . ولا أحث على الإشارة المباشرة للمسئول عن وقف كل ما يعاني منه الشعب أو يتخوف أو يتذمر . فكل هذه الأساليب فاشلة في مثالنا الأردني وغير مجدية ، وأصبحت متعفنة بالمنطق والتجربه ، وتكرارها فيه جمود وانهزامية أمام التطنيش الممنهج كسياسة ، او التدجين أو القمع الناعم الذي لا يحل مشكله . ولكني أبحث عن أسلوب سلمي معبر ومؤثر جديد .
هناك توحش وتغول على مؤسسات ومقدرات وسياسات الدولة بهدوء ، واستخفاف وتجاهل للناس وتغريب . وإرادة الشعب في هذا ليست بأيد أمينة . ولم يعد كبيرا في هذا الشعب ولا عزيزا ، بل هناك أصنام منفوخة كالطبول بفرمانات . وما يضحكون إلا على أنفسهم وأزواجهم . كل مؤسسة في هذا البلد تعمل وفق تعليمات وأوامر وليدة ساعتها لتخدم الهدف ، أو التوجيه ، ولم يترك لنا مؤسسة واحدة ناجية من التدخل أوتملك قرارها المؤسس على الدستور، ولو على سبيل الحماية القضائية لحفظ حقوق ومصالح الناس في كل الظروف لا في بعضها فقط . ومع هذه السياسة تغيب العدالة ومعها الحقيقه فيغيب الوطن والمواطن ، فلماذا الدستور ولمن ، وعن أي تعديلات نتحدث
انفعلت بالأمس الفعاليات وثارت كعادتها الموسمية على تعديلات دستورية ، ناسية أنها في سياق مسيرة الأمر الواقع الذي نعيشه بتطوراته التي لا تتوقف … ولم تدرك بعد ومعها الكثيرون أن كل ما يحدث في بلدنا هو في سياق سيروره ، لكنها سيرورة تجري لمستقر لها . وأن الفساد في بلدنا والذي أصبح يستخدم ملهاة ، هو في الاساس فساد سياسي . وكل فساد أخر من اداري او مالي هو في خدمة هذا الفساد السياسي أو من أعراضه . والتعديلات الأخيرة هي في هذا السياق . فكل ما يشكل معاناة للأردنيين ووطنهم ، بل وكل سلوك او قرار داخلي او خارجي وراءه متطلبات السياسة الخارجية .والسياسة الخارجية هذه في بلدنا ليست شأنا عاما ولا من صنع الحكومات ولا نتيجة شراكة معها .
إن وجود المعارضة المنظمة ، والقيادات السياسية الشعبية الجماعية خط أحمر في بلادنا . لتصبح الثورات والحراكات تحت أي مسمى مجرد غوغائية لا تنتج سوى الفوضى يعقبها اليأس وتعزيز القائم ، أو الفوضى يعقبها بالمحصلة إنتاج مفسدين أعتى . والشعوب التي تعيش هذا القدر هي شعوب صدر بحقها قرار التقاعد , فهل تتقاعد الشعوب ؟، وهل هناك قوة او قانون يجبرها على التقاعد . إن الشعب الحي لا تعدمه الوسيلة لنيل حقوقه وفرض احترامه
لنتذكر أن الشعوب الفاقدة لاعتباراتها السياسية والقانونية والنفسية هي الشعوب الواقعة تحت الإحتلال . وإن العصيان المدني هو طريقها عندما تغلق كل الأبواب بوجها . فهل يكون العصيان المدني هو المتبقي لنا نحن الاردنيين لاستعادة اعتباراتنا وفرض احترامنا واحترام غضبنا ومطالبنا وحقوقنا كشعب ليس دخيلا على هذا الوطن . نعلم بأن الدول تهمل أفكارا وتطنش أشخاصا ولكنها لا تهمل رأيا عاما ولا تطنش شعبا . والأجنبي يلتزم بحكمة تركناها له وهي Too much no good

إن خيار الشعب الاردني في تمسكه بقيادته الهاشمية يجب أن لا يستغل من أي كان ، وبأي طريقة كانت . بل أن يقابل بقرار من القيادة بالتمسك بهذا الشعب . فالأمن والأستقرار والرضا يدوم بالحفاظ على الأرضية التي قام عليها ، والانجازات التي حققها الأردنيون في مئة عام هي ملك لهم ، لا تهدر ولا تباع بل تنمى وتحصن . إن كل فرد في هذا الوطن مهما كان مستواه يدرك بأن الملك الذي يسمع بشكوى عجوز في الصحراء ويسارع لاغاثتها ، يسمع بالضرورة بكل ما يجري ، وصاحب الولاية فيه ، ويعلم بكل ما يقال وقادر على التدخل أو الإيضاح . فالشعب محيد وتنزل عليه القرارات ولا يعرف سببها ولا مراميها ولا جدواها ، بل يستشعر ثقلها ويتحمل أعباءها . فمن حقه أن يعرف موقعه الحقيقي في الدولة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الشعب حاله انسانيه كغيرها من الشعوب والشعب الاردني جغرافيا وعرقيا ودينيا وثقافيا من سوريا بلاد الشام . يد سايكس وبيكو قسمت بلادنا لدويلات لزرع الكيان الصهيوني ككيان وظيفي له دور يمنعه من الاندماج بل يبقى مستفزا لفييره متعالي ومحتقر لجواره واتفافقات السلام لم تكن الا لشرعنة وجوده والاقرار له بما سرق وهو لا يعترف بمن اعترف به ليبقى عنصر تهديد . منذ قرنين بدء بالتامر علينا ومزقنا ووضعنا تحت السيطره واحالونا الى قطيع يعلف لا يزرع ما ياكل ولا يصنع حاجاته ولا سلاحه ودواءه . الانسان الاردني من شعب هذا الاقليم لا يملك ان يقرر لنفسه اي امر وهو غير متقاعد بل معزول ومحروم من حقوقه والبعض منا شريك بما يجري والسنوات المائه السابقه التي مرت بعد التاسيس لم تنتهي لازالة الوصايه بل جددت اخيرا وعمقت بشكل لا مثيل له في كل الاعراف . العصابات الصهيونيه تنعم افرادهابالحريه والديمقراطيه وتداول السلطه لتكون دوله قابله للبقاء متقدمه وعلى العكس من جيرانها بل من كل الاعراب .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى