أكثر لعبة كنت ألعبها وأنا صغير هي (الحجلة) رغم أن الكثير من أقاربي يعتبرونها (لعبة بناتية) ولكنني كنت مغرما بها حد الهوس و كنت غالبا ما أفوز بها ..وأستمتع بهذا الفوز الطفولي ..وما زالت كلمة (أغا) ترن في أذني و أنا مغمض العينين و كأن المربعات و (الشحفة) هي قبل قليل فقط وليست خمسة و ثلاثين عاما مضت ..!
من لحظتها تعلمت المشي حجلا ..ومن لحظتها تعلمت اغماض عيوني عن كل سوء و أمشي بكل (الآغات) دون أن تدوس قدماي أي مربع محظور ..من لحظتها تعلمت كيف أفوز فوزا بريئا بلا أي ثروات أو هدايا أو مشاريع أو بغشيش .. !!
وكبرت أدركت أنني و الشعب العربي معي نغمض عينينا عن كل شيء ولكننا نري ..أننا نحجل و ننطنط ولكن حجلتنا و نطنا هو من فعل السياط آلتي تنزل على ظهورنا..أدركت آن لعبة الحجلة هي تدريب فطري لما هو قادم ..فكل ممتلكاتنا مربعات و شحفة و أقدام و أغا تدور من فم لفم ..و كلما اقتربنا من الخروج من اللعبة قام (اللعيبة الكبار) و زادوا المربعات و أمرونا أن نغمض العينين أكثر ..و حين نفتحهما علينا التركيز على المربعات فقط و الشحفة ..عيوننا في الأرض. .!
الأرض تدور حولنا و تتغير ..و نحن بين السياط و الشحفة و المربعات التي تزداد بفعل فاعل ..أرضنا تنقص كل يوم و تلتهب كل يوم و بدلا من زراعتها بكل أشكال المأكولات من الخضار والفاكهة، زرعناها بالدماء و انتظرنا نتاج الزرع وإذ به يأتي أسلحة أكثر بكل أشكالها و عنفا بكل الألوان و الانتماءات لا يهدأ ولا يقل ..!
يا سادة ..شبعنا إغماضا ..و المربعات امتلأت بالممنوع من الاقتراب ..و ظهورنا التي تجلدونها ما عادت ظهورا ..نريد أن نخرج من المربعات و نرفع عيوننا في كل اتجاه لنرى كيف نوقف كل هذا العبث .. !!!