تصدعات كبيرة في صفوف المرتزقة التابعين لحفتر

سواليف
لا يزال الجنرال الليبي خليفة حفتر يتلقى الضربات الموجعة واحدة تلو الأخرى، وخصوصاً على الصعيد العسكري في ليبيا.

إذ يبدو أن خسائره المتتالية في مناطق الغربي الليبي وآخرها قاعدة الوطية ثم محاور جنوب العاصمة طرابلس، ساهمت في خلق مشكلة كبيرة في صفوف قواته، وتحديداً المرتزقة من روسيا والسودان وتشاد.

وتستمر موازين القوى العسكرية في ليبيا في تغيير دفتها بشكل واضح تجاه حكومة الوفاق وحلفائهم الأتراك، الذين يبعثون برسائل واضحة للتأكيد على أنهم الوحيدون الذين باتوا يملكون مفاتيح حل الأزمة في ليبيا، بغض النظر عن التجاذبات الحادة والمصالح المُتشابكة فيها.
انتهاء التورط الروسي في حرب السيطرة على طرابلس

أبرز الضربات التي تلقاها حفتر، تمثلت في انسحاب مرتزقة شركة فاغنر الروسية من محاور جنوب العاصمة طرابلس.

وبعد وقوع خلافات حادة بين حفتر وحلفائه الروس بسبب الأمور المالية والعسكرية، انسحب على إثرها جزء منهم إلى قاعدة الجفرة منذ الأسبوع الماضي، بحسب ما ذكره مصدر عسكري تابع لحفتر لـ “عربي بوست”.

وأوضح المصدر أن أكثر من 1700 مقاتل روسي انسحبوا من محاور غرب طرابلس وترهونة وقاعدة الجفرة باتجاه مدينة بني وليد، ثم نقلوا بعدها عبر مطار المدينة بطائرة شحن عسكرية روسية طراز “أنتينوف 32” في أكثر من 4 رحلات متتالية.

لكن المصدر أكد أن قوات فاغنر لم تنسحب من ليبيا بالكامل، بل هناك وحدات تتواجد في شرق ليبيا بقاعدة الرجمة (مقر قيادة حفتر) ومدينتي طبرق ودرنة، موضحاً أن القوات المنسحبة كانت تتمركز في مناطق المشروع وصلاح الدين واليرموك، جنوب مدينة طرابلس.

وأكد مصدر عسكري تابع لحكومة الوفاق الليبية لـ “عربي بوست” رصدهم انسحاب قوات روسية ومرتزقة “ذوي بشرة سمراء” من محور صلاح الدين أثناء تقدمهم في المحور، مخلفين خلفهم مصائد مفخخة للأفراد والآليات لإعاقة تقدم قوات حكومة الوفاق.

وأضاف المصدر أن قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق في محور صلاح الدين عثرت على جثة مرتزق روسي تابع لشركة “فاغنر”، ونشرت صوره في وسائل الإعلام المحلية الليبية والدولية.

وأوضح مراقبون أن نشر هذه الصورة كان بمثابة ضغط كبير على الحكومة الروسية، وربما هو ما ساهم في اتخاذ قرار الانسحاب، خصوصاً وأن المرتزقة الروس لم يتوجهوا للشرق الليبي بل إلى خارج البلاد.

وقال المصدر إنهم رصدوا مئات من المرتزقة الروس الذين كانوا يحاربون مع حفتر نقلوا مكدسين في الجزء الخلفي من سيارات نقل من جنوب طرابلس نحو مدينة بني وليد، حيث تنتظرهم طائرات شحن نقلتهم.

وأكد المصدر أن قوات حكومة الوفاق رصدت قرابة 50 مرتزقاً روسياً رفقة مرتزقة ذوي سمرة سوداء يستقلون 50 آلية مسلحة برفقة منظومتي دفاع جوي وتشويش تم رصدها بالقرب من مدينة مزدة على بعد 150 كم جنوب مدينة غريان.
مرتزقة من تشاد ينسحبون من ليبيا

وأظهر فيديو نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي انسحاب قوة عسكرية تشادية تقدر بعشرات الآليات من ليبيا إلى العاصمة التشادية إنجامينا، بحسب أحد العناصر الظاهر في الفيديو.

وكشف الفيديو أن القوة المنسحبة بقيادة الجنرال أحمد إبراهيم عبدالقادر كانت تتمركز بمدينة سبها في الجنوب الليبي.

يأتي هذا بعد أسابيع من مقتل الرئيس المؤسس لحزب العمل التشادي، قربان جدي نكور، في أبريل/نيسان 2020، على أيدي قوات حكومة الوفاق خلال مواجهات بمحور الوشكة شرق مدينة مصراته (شرق طرابلس).

وقالت مصادر ميدانية إن نكور لقي حتفه رفقة عدد من المرتزقة التشاديين، الذين أشرف بنفسه على اتفاقات جلبهم للقتال في ليبيا إلى جانب ميليشيات حفتر.

وأوضحت المصادر أن نكور كان على صلة قوية بخليفة حفتر، وشُوهد برفقته في أكثر من مناسبة، يأتي هذا فيما أكد حزب العمل الجمهوري المعارض لنظام حكم الرئيس التشادي إدريس دبي مقتل رئيسه المؤسس.

ووفق مصادر مطلعة فإن قوات المرتزقة التشادية التابعة لحفتر تتمركز في مواقع في ليبيا وهي:

· قاعدة الجفرة الجوية، جنوب ليبيا.

· حقل c5 النفطي، جنوب غرب ليبيا.

· الموانئ النفطية والبريقة ورأس لانوف.

· محاور جنوب طرابلس: الخلة وصلاح الدين وعين زارة ووادي الربيع والمشروع.

ورغم تأكيد المصادر لعملية الانسحاب، لكن لا يعرف بشكل واضح السبب وراء انسحاب المرتزقة التشاديين، والبعض يرجح أنها بسبب مشاكل مالية تتعلق باستلام هؤلاء لمستحقاتهم.
بداية خلاف وتهديد صريح بالانسحاب للسودانيين

وقال مصدر محلي لـ “عربي بوست” إن اشتباكات اندلعت بميناء رأس لانوف النفطي بين مرتزقة الجنجويد السودانيين وميليشيا 106 التابعة لخالد خليفة حفتر، نجل حفتر، على خلفية مستحقات مالية، قتل على إثرها ثلاثة عناصر وأصيب اثنان آخران.

وأضاف المصدر أن المرتزقة لم يتقاضوا المنح اليومية التي يتقاضونها منذ انسحاب قوات حفتر من قاعدة الوطية الجوية، مؤكداً أن المنح المالية تصل للحسابات العسكرية في رأس لانوف غير أن المسؤول عنها رفض منحها لهم.

وفي ذات السياق نشر أحد المرتزقة السودانيين من الجنجويد والتابع للكتيبة 106 التابعة لخالد خليفة حفتر، صوراً على حسابه الخاص بسبب “مشكلة مالية”، وتوعدهم بمزيد من الفضائح.
حميدتي يتراجع

يأتي هذا في وقت نفى فيه الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة في السودان في مقابلة بثت الأحد 24 مايو/أيار مع قناة “سودانية 24” أي وجود لقوات الدعم السريع التي يرأسها في ليبيا، مضيفاً أنه “لا يمكن أن تصبح قواتنا مرتزقة”.

وأضاف حميدتي أنه تقدم بمبادرة للمصالحة في ليبيا قبلتها حكومة الوفاق ورفضها خليفة حفتر، مضيفاً أن الحكومة الليبية وافقت على المبادرة التي لم يكشف عن فحواها، لكن حفتر، الذي تواصل معه المسؤول السوداني عبر وسطاء، رفضها.

وكانت صحيفة “ليبيا أوبزيرفر” قد نقلت في وقت سابق من الشهر الحالي عن مصدر مطلع أن دولة الإمارات طلبت من حميدتي إرسال 1200 مقاتل بشكل عاجل إلى ليبيا، لدعم هجوم حفتر على طرابلس.

وبحسب المصدر، فإن حميدتي وعد بتلبية الطلب الإماراتي رغم المعارضة الداخلية، بعد تهديدات من الحكومة الإماراتية بقطع المساعدات المالية.

وشرع حميدتي في إرسال مقاتليه إلى ليبيا عبر إريتريا لتجنب المواجهة المباشرة مع ضباط المعارضة، لكن العملية توقفت.

واتهم حميدتي الإمارات والسعودية بعدم تنفيذ وعودهم بمنح السودان ملياري دولار، المخصصة لدعم الحكومة السودانية في المرحلة الانتقالية، مضيفاً أن الخرطوم لم تستلم سوى 500 مليون فقط.

وأضاف أن بقية المنحة توقفت لأسباب عدة، قد يكون بعضها سياسياً.
تقهقر للمرتزقة

واعتبر المقدم مصطفى المجدوب، آمر اللواء الأول مشاة في قوات حكومة الوفاق الوطني، أن ما حدث من تراجع لقوات حفتر هو “تقهقر وليس انسحاباً تكتيكياً مثل ما يتوهم أنصاره”، موضحاً أنه أمر كان متوقعاً حدوثه، غير أن المعركة الضاربة ستكون بدخول ترهونة والتي تعتبر حالياً ساقطة عسكرياً، بعد انسحاب قوات فاغنر.

وأكد المجدوب أن حفتر فقد أكثر من 70% من قواته في غرب ليبيا بانسحاب قوات فاغنر والجنجويد ومرتزقة تشاد، موضحاً أن المقاتلين الروس لم يشاركوا في القتال المباشر كمشاة، وإنما عملهم كان على الأسلحة المدفعية والقناصة، وتم سحبهم عندما تلقت قوات حفتر في محاور طرابلس ضربات وصفها بالقاصمة.

وأشار المجدوب أن ترهونة لا تمتلك أي دعم عسكري عدا المقاتلين المتورطين مع حفتر من أبناء المنطقة الغربية من ترهونة أو المناطق الأخرى المحررة، مضيفاً أن قوات حكومة الوفاق نجحت في قطع الإمدادات عن قوات حفتر في المنطقة الغربية مما سيسهل عملية تحريرها في أقرب وقت وبدون خسائر.
هل بدأ الفتور بين حفتر وداعميه؟

سياسياً، اعتبر الناشط السياسي مصطفى المهرك أن إشارات حميدتي بأن السعودية والإمارات لم يوفوا بوعودهم ولم يدفعوا التزاماتهم للسودان دليل فتور بين الطرفين.

وقال الناشط المهرك لـ”عربي بوست” إن الجهود الأوروبية لمنع السلاح عن الوفاق لا نتيجة لها عند الأتراك، الذين يمضون في تطبيق الاتفاقيات مع حكومة طرابلس.

وأضاف أن الروس تراجعوا بشكل واضح جداً لأسباب تتعلق بعلاقاتهم مع أنقرة، وأن الأمريكيين هم لاعب ثانوي حتى الآن بسبب مشاكل ترامب، ووضعه الذي لا يسمح له بفتح جبهة مشاكل جديدة.

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى