وسط البلد / نور الجابري

وسط البلد
مستعد للذهاب الى وسط البلد ،لم أزرها ماشيا منذ ايّام الدراسة الا لمرات نادرة ،لوهلة ما ظننت انها قديمة و لم تتغير ،اعتقدت اني سأمر من حيث مررت سابقا ،اسلم على تاجر يقف امام متجره ،او اساعد عجوزا في رفع عربة على عتبة الطريق ،بعض باعة العطور و الاسبحة على باب الحسيني ،عدد من السياح يلفون حول انتيكا الزمان و ربما بعض الحاضرين يتأملون الحجارة و هي تحاكي بعضها ،هكذا كنت امر بها مشتما روائح لا أستطيع تفسيرها ،
لكنني صدمت لما رأيت ،تحولت المسابح لأقراص مدمجة و بائع المتجر كلامه يخدش حياء المارة ،و اثنان من ناقلي العربات قد تشابكا بالأيدي و سائح يرمي قمامته على ارصفة متهالكة ،
ربما هي نفس الشوارع و الأزقة لكن اختلف الحاضرين ،و انا اختلفت ،أصبحت أسابق نفسي كي لا اشاهد تغيرات المكان ،كلما مر الزمان كلما زادت القيمة ،لكن للشوارع عنوان اخر ،كلما كثر المارة كلما قل العبق و كانما اقداما تطمس تفاصيلٌ جميلة ،أسرعت بالعودة الى المنزل و احتوتني نوبة من الاكتئاب ،كم تغيرت انا ،كم افتقدت نفسي ،كم جملت ظنوني حتى أتناسى شيء ما ،و كذلك هي ارصفة وسط المدينة ،تغلفت كي تحتوي أهواءنا ،ربما هي الان اجمل ،ربما تغسل الأمطار هذه الشوارع و الأرصفة و تعيد بعض وقارها ،لكن الوجوه لن يجديها المطر ، أصبحت بحاجة ماسة للتغيير .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى