
هدم القدوات أو شرعنة الاغتيال
أ.عبد الرحمن الدويري
من أخطر ما تُبتلى به الدعوات، أن ينبري مَن يُنظّر ويؤصل للخطأ، كفعل البعض في بعث جُرأة الشباب( وأسميها هنا جرأة جوازا) وهي مطلوبة، ليقفوا لقادتهم بالنقد، لدرجة التّسفيه، حتى يقول بعضهم:
يا أخي ومَن فلان هذا، حتى لا ننتقده؟! لقد عارض الصحابة النبي الكريم!! فهل هو خير من النبي؟!
★وهذا كلام بالغ الخطورة على بنية المؤسسة، وصورة رموزها، خاصة إذا كان على سبيل الفتوى والشرعنة لاغتيال الكبار!!
ذلك أن الصحابة لم يعارضوا رسولهم -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ولا صاحبيه، أبدا أبدا، بالمفهوم الدارج اليوم للمعارضة!!
والصواب: أن الصحابة شاركوا بحضرته بوجهة نظرهم التي يرونها، بكامل حريتهم، فيختار من آرائهم ما ثبتت أرجحيّته!!
أيها الكرام ،
في صف الدعوة، لا أحبذ كلمة معارضة مطلقا، لما فيها من ظلال التنازع المذموم، ليصير مستساغا شيوع كلمة «نحن» في مقابل كلمة «هم» -وبتنا نسمعها للأسف من أعمدة في التربية والتثقيف الخاطئ- وأعدل عنها لعبارة: تعدد الآراء واختلافها، تماشيا مع وصف القرآن للحالة، والتي يحسم الأمر فيها، شورى لا كولسة فيها، ولا تحشيد ضد أي رأي او شخص، وإنما ترجيح ياتي به الشورى بين المتشاورين، بلا مناكفة ولا صراع ولا عزل ولا اغتيال!!
مستذكرين قول ربنا: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }.
لذا كان من دعاء نبيكم وقدوتكم فيما رواه أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟
قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»
ومن هنا وجدنا أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يقول محترزا:« يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ، قَالَ: ” قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، قَالَ: قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ»
#الكولسة_وسوسة باب شر ينبغي غلق ملفه!!