.قاصد كريم

[review]ما أن وصلت لاهثاً الى آخر الطلوع…حتى تلقّفني صوت سائق التاكسي: واحد على عمّان؟.. طالع يابا طالع… أومأت له برأسي أنّي (طالع) مع أن صوتي (مش طالع). وبالفعل كنت الراكب المتّمم لحمولة التاكسي. طمعت في المقعد الخلفي – الكرسي الأول من الخلف على وجه التحديد- لأتشيّخ على الركّاب الخلفيين جميعاً، لاحظوا أن (الكرسي ) المهم يثير غريزة التحكّم والتسلّط والاستغلال، كيف لا وأنا «ماسك التهوية» ..أنا من سيفتح النافذه وأنا من سيغلقها، أنا من سيعلّق (بشكير) لاحتجاب الشمس، وأنا المرشح الأقوى «للبصبصة» على الاشارات الضوئية . ضمرت في نفسي قبل الصعود أن أجعلهم جميعاً يتصبّبون عرقاً و«زلمة اللي بحكي»،أردت ذلك من باب التنكيد ليس إلا…لكن وقبل أن أفتح الباب خرج الأول و«فقسني» بحجّة أنه نازل ( ع الطريق)، ثم حشرت «بالوسط»، وكأنه مكتوب عليّ أن أظل من أرباب «الوسط» ما حييت..«الوسط» أرجعني الى ديمقراطيتي..وتداركت الموقف بأن أكّدت للرجل ضرورة الحفاظ على علاقات حسن الجوار، وتبادل فتح الشبابيك الثنائية… هناك ملصق على الزجاج الأمامي مكتوب بخط فسفوري « قاصد كريم»، وملصق آخر مكتوب عليه « سماهر» أظنّها حبيبة السائق،مسبحة معلّقة على المرآة، وباكيت دخّان «فايسروي» موضوع في مكان محدّد قرب الأشرطة، تناول شريط، ضربه على (التابلو) أكثر من مرّة ..كنوع من التحضير لسماعه، ثم وضعه في المسجّل: غنّت هيفاء وهبي.. رجب حُش صاحبك عنّي. وضع السائق غيار عكسي وهو يردّد « يلعن عمري… هاي النسوان» ،ثم أشعل سيجارة «فايسروي» خرج دخانها بفعل الريح من أنفه الى أنفي.وعندما( ضاج الماتور) على طلوع جرش، بدأ بشتم حسام ابن فريال الذي قد نصحه بشراء هذه السيارة.. اتصل بحسام ابن فريال وبدأ بالشتائم الانشطارية ..شاكياً من السيّارة التي وصفها بأنها«شاروقة بنزين»..وأنها «عن دون» سيّارات الدنيا، تقصّر بالنزول وتسحب بالطلوع…ثم أغلق الهاتف و«استلمني»: نزّل رأسك يا خالي، « تا أشوف هاظ الملزّق ب…». نزّلت رأسي والتفتُّ إلى الوراء، بالفعل كان صاحب قلاّب دمث الأخلاق يمزح معنا بالنزول وعلى سرعة 120، يحاول إفزاع «الموظّف» الساكن فينا، فهو يعرفنا من (بدلاتنا)، ويعرف أننا نخاف على العمر كما نخاف على الوظيفة وعلى البدلة… وبعد أن تجاوزناه لم يقصّر«سائقنا» أبداً مع صاحب القلاّب ، فقد عرف الرجل جميع الاشارات ومقاسات «الأصابع» المطلوبة. … عاد (حبيب سماهر) الى رشده، وفتح موضوعاً هادئاً و مالحاً: مطبوخ بطعم الحزن الطازج،وبطعم الدم النقي.. قال الرجل: ماذا لو تأخذ الحكومة سيّارتي، وراتبي التقاعدي، وأحد أولادي وتصرف علينا. فكل ما نحتاجه أكل وشرب وكسوة سنوية، ورحمة أبوي أنا متنازل عن كسوتي ولقمتي وعلاجي لصالح الأولاد..؟ نظر إلينا نحن الأربعة واحداً واحداً، لنعلّق على اقتراحه.. لكن دون إجابة ؛ الذي بجانبه يغطّ بنوم عميق منذ أن تحرّكت السيّارة، الراكب الذي « ع الطريق » تلعثم وارتبك ثم قال: نزّلني ع صويلح، نظر للرجل الثالث، فوجده « يقرأ أواخر سورة البقرة » للمرّة الألف…أما أنا فاعتبرت الأمر لا يعنيني، تنهّد السائق وقال: « عدّي رجالك عدّي.. »، وتمتم بعدها قائلاً:( الشباب سلامه تسلّمك) ثم رفع لصوت المسجّل..وعاد لشتم حسام ابن فريال… ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى