اخظوا لغة في اخذوا وتعني خذوا, والارظ تعني الارض باللهجة الحورانية على الاقل. والعبارة كان لها عز اثناء و بعد حرب الايام الستة كما تسميها اسرائيل امعانا في اهانة العرب. وقد اشتهرت هذه العبارة لانها كانت الوسيلة الانجع لتجنيب الناس جحيم الغارات الاسرائيلية على الجيش الاردني والجيش العراقي وحتى على المدن والقرى والارياف. كانت هذه العبارة لوحدها ولو اطلقها عابر سبيل كافية ليخرج الرجال والنساء والاطفال من منازلهم ومدارسهم ومصانعهم ومساجدهم وكنائسهم ويلقوا بانفسهم على الارض بسرعة ويطفئوا الانوار لأن طائرة اسرائيلية شوهدت في الجو او سُمع هديرها, ناهيك عن ان تخترق جدار الصوت. ولم يكن ذلك لان الشعب جبان, بل لنقص الثقافة الشعبية وثقافة المقاومة عند الناس وهو ما ليس لهم به ذنب. ربما اسقطت حامل من جراء هذا العمل وربما تجرحت ايدي اطفال, وربما تكسرت اسنان فتاة مخطوبة قَرُبَ زفافها, ولكن كله يهون في سبيل البقاء على قيد الحياة.لقد استطاع الحكام العرب استغلال استجابة الناس الى عبارة “اخظو الارظ” سياسيا وماليا . فكلما ارادوا ان ينهبوا من اموال الشعب او يمرروا خطة جهنمية لصالح اعداء هذا الشعب المسكين اوهموه ان هناك امر خطير في الجو ,وان عليه الصمت وعدم اشعال الانوار لكي لا يكتشف البعبع مكان وجودهم ويلتهمهم واحدا واحدا. ان ظاهرتي اخذ الارض المادية والمعنوية متشابهتان تماما , ففيهما يتم الانبطاح بما يوحيه من خوف وذلة وانعدام البصر والبصيرة والغفلة عما يجري حول المنبطحين , والبقاء كذلك حتى يصدر الاعلان بانقضاء الخطر ممن اصدر الامر الاول بواسطة صفارةالانذار.الفرق الوحيد هو ان اخذ الارض بالحالة الاولى هو لمصلحة المنبطح وخوفا من اذى الطائرة اما في الحالة الثانية فهو لمصلحة الطائرة وخوفا من اذى المنبطحين. وفي اثناء الانبطاح السياسي تقوم اللصوص الطائرة بأخذ الارض وما عليها بالمعنى الحقيقي و الحرفي. وهم ليسوا في عجلة من امرهم لكي يطلقوا صفارةالانذار الطويلة إيذانا بانتهاء المهمة. وهنا كانت غلطة الشاطر فقد استغرب الشعب طول الغارة وبدأ يرفع رأسه شيئا فشيئا ليعرف ما يجري حوله ولماذا تأخرت صفارة انتهاء الغارة. فوجد ويا لهول ما وجد. وجد ان الارض قد اختفت بما فيها وانه معلق في الهواء. وانه هو الطائر وعليه الان ان يعرف كيف يتدبر امره وينزل على ما بقي من الارض.
