تحالف وطني للاصلاح / د. نبيل الكوفحي

تحالف وطني للاصلاح
د. نبيل الكوفحي

ثمة دعوات كثيرة للاصلاح بمختلف جوانبه، لكن ثقة الناس بأن الاصلاح قادم تتراجع حتى لدى المنادين به أنفسهم، وهذا يفسر عزوف الشباب عن العمل العام وتفاعلهم معه، فالأمل شيء أساس لمباشرة العمل والتحمل والتضحية. حتى ان الخطابات الرسمية التى يتم الاحتفاء بها في مناسبات او استحقاقات دستورية لم تعد تقنع احداً، بل أصبحت بنظر الكثيرين روتينا مملاً ان لم يكن مستفزاً. في الجانب الاخر: فان تعدد البيانات والرسائل والدعوات الاصلاحية الشعبية سواء عن مجموعات سياسية او شخصيات وافراد، تضيف للمشهد – رغم اهميتها – بعدا سلبياً أيضاً، فالتساؤل المطروح لدى الكثيرين الذي نسمعه ونقرأه:لماذا لا تلتقون؟! وعلى ماذا تختلفون؟ّ!

أعتقد ان الاصلاح لا يمكن تحقيقه دون وجود ارادة سياسية لدى الدولة بأعلى مستوياتها من جهة، وتوحد المطالبات والمشاريع الاصلاحية خلف تحالف وطني جاد ومتماسك يمضي بعمله حتى النهاية لا يفت في عضده المثبطات والمعيقات والتضحيات من جهة أخرى. بعد قرابة عشر سنوات، أظن ان الارادة السياسية لا يمكن ان تتبلور ذاتيا من تلقاء نفسها، فالادراك لخطورة ما يمر به الوطن على مختلف الصعد ليس متوفرا، ان لم يكن بعضهم يعيش حالة انكار.

ربما الطرف الاول في المعادلة لا يشعر بما تشعر به الغالبية من المواطنين، وربما لا يمتلك القدرة على الفعل، وربما حساباته الخارجية تتقدم على أوجاع الناس، وربما أشياء أخرى. لكن الطرف الثاني في المعادلة أيضا يعاني من مشكلات وأمراض عديدة، وأعتقد ان ثمة أسباب عديدة، بعضها متوارث والاخر ابن ساعته. فلا زالت “عقلية العشيرة” تسيطر على كثيرمن جوانب العمل السياسي باسقاطاتها السلبي، من حيث: التطلع للزعامة والاستحواذ وارتفاع الرايات والاسماء والمجاملات. كما لا زلنا – بنسب متفاوتة- نعتقد اننا الأفضل والأصوب والأولى بالاتباع، فترى أن كثيرا من المبادرات لا تدوم، ونعيد تكرار التجارب السابقة التي لم تنجح بذات الشخوص ونفس الاساليب. وليس مستبعدا أيضا أن البعض لا زال يراهن ان يكون (صاحب حظوة) بحيث ينال من الدولة شيئا من اهتمام أو حصة دون الآخرين .ولا اتردد بالقول أننا نبحث -في العقل الباطن- عن القائد الذي نجتمع عليه ونسير خلفه.

مقالات ذات صلة

أذا اردنا ان نتقدم للامام بمشروع الاصلاح فعلينا أن نتوافق على الاولويات وان نحسن الظن ببعضنا، ونسير خلف قيادة جماعية للاصلاح، ونتغلب على كثير من المشكلات التي سبق أن افشلت تجارب الربيع العربي خارجيا ومحليا أيضا. وأعتقد ان تردد بعض الاحزاب الكبيرة والتي تتمتع بمصداقية نسبية واصطفافها على اليمين يشكل شرخا في مشروع الاصلاح الوطني. لا بد من تقدم الجميع للحالة الوطنية الوسطية، وعدم البقاء في حالات طرفية سواء ذات اليمين أواليسار، وتجاوز الخلافات، واحترام التباينات، فليس المطلوب أن نكون نسخا عن بعضنا، ولا يستطيع الجميع أن يكونوا بنفس الدرجة من الجرأة، كما لا تتوفر المعالجة الحكيمة أيضا لدى الجميع بذات الكفاءة. وينبغي التوقف الفوري عن اية صراعات فكرية بين بعض التيارات الاصلاحية الجادة، فليس الميدان متاحا للتنافس بقدر ما تؤجج -أطراف تسيطر على الوضع الحالي- حالات التدمير الذاتي للكثير من الجهود الاصلاحية.

هذه دعوة ليست شخصية بقدر ما تمثل حال لسان الكثير من الاصدقاء والزملاء في ساحة العمل الوطني وهي برسم التطوير من الجميع سواء من الاحزاب أو النقابات أم الشخصيات المستقلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى