الاردن ليس الى جانب فلسطين / علي الشريف

الاردن ليس الى جانب فلسطين

على امتداد عمري وانا اقرا واتابع التصريحات بان الاردن يقف دائما وابدا بان الاردن يقف قيادة وحكومة وشعبا الى جانب فلسطين القضية والحق والشعب.
في حقيقة الامر بان الاردن لم يكن يوما يقف الى جانب فلسطين ولن يكون يوما في مكان الواقف المتفرج او من يصرف الكلمات لان الاردن وعلى امتداد تاريخه كان مع فلسطين يدا بيد كالجسد الواحد بروح واحدة …فاذا ما تعبت القدس بكت لها عيون عمان ….واذا ما صاحت الخليل كانت الاه تخرج من صدور اهل معان.
الاردن كان وعلى امتداد العمر هو من يتحمل فعلى مستوى القيادة فان الملك المؤسس المغفور له باذن الله عبدالله الاول ارتقى شهيدا على ابواب القدس فروت دمائه تلك البقعه تبعه الراحل العظيم الحسين بن طلال الذي اخذت فلسطين من عمره كثيرا وهو يذود عنها بكل المحافل فخاض الحروب العسكرية وخاض الحروب السياسية وبقي حتى الرمق الاخير يحمل هذا الهم داعما لكل شيء مشاركا في كل هم فلسطيني.
الاردن وحده تحمل العبيء الاكبر من اللجوء ومن الحروب ومن التعب وبقي وحيدا يواجه اعاصير السياسة والخبث الصهيوني والصمت العربي والتخاذل الدولي فما استسلم وبقي يدفع الثمن صبرا ودما وشهداء وحصار لكنه يجني الاحترام ويكبر دائما.
واليوم لا يخفى على احد رغم الضيق والحصار المفروض على الاردن لا يخفى موقف الملك عبدالله الثاني اطال الله عمره ونحن نرى حراكه وتفانيه وتعبه في ان يرى فلسطين كما يريد ولم يالوا جهدا في كل المحافل بان يتكلم بها وعنها ويطالب بحلول لتلك القضية وما كان حراكه الاخير(حراك القدس) في كل ارجاء الدنيا الا شاهدا كبيرا في وقت غاب عن ذاك الحراك الكثيرون بل انه والاسرة الهاشمية يتصدرون مشهد الدفاع عن القدس وطبعا بكل تاكيد يبقى عمل الهاشميون اكبر من ان نكتب عنه بضع سطور فهو عمل ممتد من وريد الارض حتى وريد الارض .
هذا على مستوى القيادة اما على مستوى الحكومات فلا زلنا نتذكر الشهيد وصفي التل الذي قضى لانه دافع عن القضيه الفلسطينية وعن وجود الارض وعن احقية الناس بالعيش في اوطانهم فكان وصفي فلسطين قبل ان يكون شهيد الاردن وكان هو التاريخ المتجدد الذي لا يغيب ثم جاء بعده الشهيد هزاع المجالي وتوالت الحكومات التي كانت تعتبر فلسطين هي القضية الاولى والاهم وهي حل لكل المشاكل فتحملت هي الاخرى تبعيات ما قامت به..
و حين نتكلم على المستوى الشعبي الذي ينبثق منه جيشنا الباسل فالذاكرة لا زالت تحتضن المعارك الخالدة التي سطرها جيشنا ولا زالت اسماء الشهداء الذين ارتقوا حاضرة ولا زلنا نتذكر كايد المفلح وراتب البطاينه وغيرهم من المجاهدين والشهداء الابطال واسماء المعارك من باب الواد الى الكرامة.
ولا زال مواقف العشائر الاردنية الاصيلة حاضرا في كل لحظات الصراع فمن ابنائها كان الجنود ومن ابنائها كان الشهداء ومن ابنائها كان الثوار ولا زالت هذه العشائر تمثل الداعم الرئيسي لابناء فلسطين ولا ننسى موقف عشائر عباد ابان حرب غزة وموقف ابناء الكرك والسلط والرمثا والبلقاء ومعان…وكل شبل اردني من اسد اردني .
قبل ان اكتب ما اكتب كنت اشاهد فيلم فيديوا قدمه لي احد الاشخاص يثبت بما لا يدع مجالا للشك بان هذا الوطن لم يقف الى جانب فلسطين وقوف الصامتين او المنددين بل كان شريكا في كل شيء فانا وانا اتابع الفيديو باهتمام بالغ كنت ارى ان مواطنا اردنيا اسمه (محمد الخشمان) قد انفق ما يقارب مليون دولار فقط لعلاج ابناء غزة الذين اصيبوا في الحروب مع اسرائيل فتقطعت اطرافهم والحقيقة التي يجب ان يعلمها الناس تكمن بمدى الشراكة الحقيقية في الفرح والحزن والاهم ان نسمع القصة.
واما القصة باختصار فهي ان اطفال غزة الذين فقدوا اطرافهم نتيجة الاجرام الصهيوني لم يجدوا من يعيلهم فانبرى المواطن الاردني محمد الخشمان ليستضيفهم ومن ثم ينقلهم الى سلوفانيا لعلاجهم باطراف صناعية متطورة ومن ثم يعيدهم يمشون على الارض وكان لا شيء وكل هذا على نفقته الحاصة بما يقارب المليون.
ربما لا يعلم الكثيرون عن هذه الحكاية او ربما طواها النسيان لان صاحبها لم يرغب يوما بان يتاجر بالالام الناس ويستعرض على اوجاعهم ويبنى مجدا على معاناتهم فهو بحق كان الاردني الذي يمثل انموذجا عجزت عنه دول باكملها اشبعتنا جعجعة ولم نرى منها طحنا .
الصدفة وحدها قادتني لان ارى فيديو الامل وارى اعاقة الطفل الغزاوي وان ارى تعبه ودموعه ومن ثم ارى فرحه وهو يعود الى حياته وكان شيئا لم يحدث له فما كان مني الا ان اسقط الدمع فرحا ففي وطني رجال يحولون الاحلام الى حقيقة …ويحولون الحزن الى فرح لا يهم ان انفقوا المهم ان ابتسامة على وجه طفل تساوي الدنيا بمن فيها بالنسبة لهم.
هذا هو الاردن وانا كنت جادا حين قلت بانه لم يكن الى جانب فلسطين فالحقيقة الدامغة انه كان مع فلسطين وكانت فلسطين له حبات العيون وهو القلب النابض لها ووطن فيه قيادة تعلم ماذا تعني فلسطين والقدس فكان منها اول الشهداء .
وفي الاردن جيشا مصطفويا يحمل ارواحه على فوهات البنادق وشهداء مثل وصفي وهزاع وكايد وراتب لا زالت الارض تفور بدمائهم فتذكرنا دائما بان الاردن هو البلد الوحيد الذي قدم قادته لعيون فلسطين .
و الاردن ثمثل فيه كل انواع الجهاد من الجهاد بالنفس الى الجهاد بالمال الى الجهاد بالدعاء وصولا الى الجاهاد بالكلمة وهو الوطن الذي فيه اشخاص مثل محمد الخشمان يثبتون بان شعب الاردن هو القلب النابض لشعب فلسطين وبانه وطن لا نخاف عليه انما نفخر به لانه للطيبين والصابرين والشهداء ولانه الاردن ارض الحشد والرباط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى