بيان صادر عن منتدى الأعمال الهندسي بخصوص الطرق التعاقدية للتعامل مع تقصير الاستشاري

سواليف
وصل سواليف البيان التالي الصادر عن منتدى الأعمال الهندسي بخصوص الطرق التعاقدية للتعامل مع تقصير الاستشاري :

في ظل ما يتم تداوله على منصّات الإعلام من لغط حول العمل الاستشاري الهندسي والذي أدى إلى جو سلبي تجاه هذا القطاع والعاملين فيه، فإننا قد ارتأينا في منتدى الأعمال الهندسي إصدار توضيح للرأي العام والمسؤولين بخصوص الأدوات المتاحة لأصحاب العمل لمعالجة التقصير أو الأخطاء التي من الممكن أن يتسبب بها المهندس الاستشاري.

وقبل الخوض في تلك الأدوات، نشير إلى تصريحات دولة رئيس الوزراء في كلمته الأسبوعية التي تمّ بثّها يوم الأحد 19 تموز. إننا إذ نثمّن ما قاله دولة الرئيس في أن قطاع الإنشاءات غير مستهدف، إلا أن ما ورد في كلامه فيما يتعلق بالأوامر التغييرية في المشاريع الإنشائية وأن نسبتها لا يجوز أن تتجاوز 25% من قيمة العطاء وأن هنالك بعض المشاريع وصلت نسبة الأوامر التغييرية فيها إلى 700% من قيمة العطاء، يغذّي الجو السلبي تجاه القطاع. وعليه نودّ التأكيد على ما يلي:

1- لا يوجد أي اساس فني أو تشريعي لسقف الأوامر التغييرية سواء 25% أو أعلى أو أقل من ذلك، حيث أن نسبة تلك الأوامر مرتبطة بالحاجة إليها في المشروع، إلا أن صلاحيات الوزير المختص تم تقييدها بنظام الأشغال الحكومية (نظام رقم 4 لسنة 2017) بنسبة 25% من قيمة العطاء وبما لا يتجاوز 250 ألف دينارًا. وما يتعدى هذا المبلغ أو النسبة يتطلب موافقة مجلس الوزراء، ولا يجوز المباشرة بتنفيذ الأمر التغييري قبل صدور موافقة مجلس الوزراء علمًا بأن تعليمات الأوامر التغييرية الصادرة عام 2019 رفعت هذه النسب من السقف المالي للوزير المختص بإحداث تغيير لا يتجاوز 500 ألف دينارًا دون الرجوع إلى مجلس الوزراء.

2- بخصوص إشارة دولة الرئيس بأن هنالك مشاريع تجاوزت نسبة الأوامر التغييرية فيها 700% من قيمة العطاء، فكما أشرنا سابقًا إن العبرة ليست في نسبة الأوامر التغييرية وإنما بمدى الحاجة إليها وضمان تنفيذها بطريقة صحيحة. إن الأوامر التغييرية لا يمكن اعتمادها كمؤشر للفساد، فقد تكون نسب الأوامر عالية في مشروع معيّن دون أن يشوبه أي عيب في الإجراءات، وفي المقابل قد يكون هنالك مشروع آخر لا يوجد فيه أية اوامر تغييرية أو حتى أوامر تغييرية سالبة ومع ذلك يكون المشروع مليئًا بتجاوزات أو مخالفات أو ما شابه ذلك. وفي هذ السياق، فإن الخبراء في الشركات التابعة لمنتدى الأعمال الهندسي على استعداد للعمل بشكل مشترك مع المختصين في دائرة العطاءات الحكومية أو المشاركة مع اي لجنة تحدّدها الحكومة لدراسة الحالات التي أشار إليها دولة الرئيس لتحديد الأسباب وراء الزيادة في الأوامر التغييرية.

إن جوهر القضية ليس في الأوامر التغييرية بل في التقصير والأخطاء وكيف نتعامل معها لرفع سوية العمل. وهنا نودّ التوضيح للمهتمين من المتابعين للمشاريع الإنشائية سواء من الاستشاريين أو أصحاب العمل في القطاعين العام والخاص الأدوات التي يملكها صاحب العمل لمحاسبة الاستشاري المشرف على المشروع في حال قصّر في أي من واجباته، حيث أن هنالك مسار كامل ضمن الاتفاقية الموقعة معه لمحاسبته، كما أن القانون المدني الأردني يعالج تلك المسألة كما هو موضّح في النقاط التالية:

أولًا: المـادة 12 من عقود الاستشاريين سواء كانت في التصميم أو الإشراف تشمل في حال ثبوت التقصير إلزام «…الاستشاري بمعالجة التقصير ومحملًا إياه جميع التبعات المالية جراء ذلك.»

ثانيًا: المادة 786 من القانون المدني الأردني تنصّ على ما يلي: «يضمن المقاول ما تولّد عن فعله وصنعه من ضرر أو خسارة سواء أكان بتعدّيه أو تقصيره أم لا وينتفي الضمان إذا نجم ذلك عن حادث لا يمكن التحرز منه.» وهنا، يشتمل مصطلح «المقاول» الاستشاري المشرف وغيره ممّن كان طرفًا في عقد مقاولة.

ثالثًا: المادة 788 من القانون المدني الأردني تنصّ على ما يلي:
«1- إذا كان عقد المقاولة قائمًا على تقبل بناء يضع المهندس تصميمه على أن ينفذه المقاول تحت إشرافه كانا متضامنين في التعويض لصاحب العمل عما يحدث في خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت. وعن كل عيب يهدد متانة البناء وسلامته إذا لم يتضمن العقد مدة أطول.
2- يبقى الالتزام في التعويض المذكور ولو كان الخلل أو التهدم ناشئًا عن عيب في الأرض ذاتها أو رضي صاحب العمل بإقامة المنشآت المعيبة.
3- تبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل.»

خلاصة هذه المواد أن الاستشاري محكوم بالتزامات تحمي صاحب العمل في حال فعّل هو (أي صاحب العمل) نصوص القانون، وهنالك عدد كبير من القضايا رُفعت ضد استشاريين ومقاولين لتحميلهم كلفة الأضرار التي تسببوا بها.

ومع ذلك فنحن نقرّ في منتدى الأعمال الهندسي، وبالرغم من تحفّظنا على إجراءات الحكومة، بأن الأمور لم تكن على ما يرام في السنوات الأخيرة، فقد شهد قطاع الاستشارات تدهورًا في مستوى العمل المقدّم، وزاد التغوّل على صلاحياته من أصحاب العمل، وكانت النتيجة أن الاستشاري أصبح الحلقة الأضعف في العلاقة بينه وبين صاحب العمل والمقاول.

الحلّ يكمن في إعادة الاعتبار لهذه المهنة وللمهندس، فالمهندس (أي الاستشاري المشرف) هو خط الدفاع الأول في محاربة الفساد، ووظيفته الرئيسة هي التعامل بمهنية وتجرّد مع أطراف العلاقة، فضمان النزاهة تستدعي في العديد من الأحيان حماية المقاول من جور أحد أفراد صاحب العمل وهو ما يتطلب كما نقول دائمًا الجرأة والاستقلالية إضافة الى المعرفة في الأمور الفنية.

إن المنتدى يؤكد أن العقود الهندسية سواء عقد المقاولة أو عقد الخدمات الهندسية هي منبثقة من العقود العالمية، والمملكة من الدول السبّاقة في المنطقة في تطبيقها، حيث كانت أرضية لاستقبال العديد من الشركات الدولية والجهات المانحة للعمل. وتتضمن هذه العقود جميع المواد التي تحدد الدور المناط بصاحب العمل وممثليه للتعامل مع المشاريع دون التعدّي على صلاحيات المهندس المشرف أو المقاول، بالإضافة إلى ما تضمّنته هذه العقود من نصوص مواد تمنح صاحب العمل مطلق الصلاحية للتحرّي عن الأسباب لأي خلل يحدث في المشروع والتي تصل إلى فسخ العقد ووفق آليات محدّدة في العقد لا تتعارض مع القانون المدني الاردني.

أما ما نشهده اليوم من القفز إلى اتهام الاستشاري مباشرةً والحجز على أمواله واعتقال أحد موظفيه دون أن يتم السير بأي من الإجراءات أعلاه، فإن ذلك وبالتأكيد لن يؤدي إلى النتيجة المرجوة وسيؤدي لا محالة إلى انهيار الطرف الذي تم التعامل معه بهذه الطريقة. إضافة إلى ذلك، فإننا نرى بأنه ليس من الحكمة قيام السلطات بالحجز على أموال شركة هندسية بشكل يؤدي إلى عدم تمكّنها من دفع رواتب موظفيها الذين يقومون بالإشراف على مشاريع تابعة للحكومة أصلًا، إذ أن ذلك فيه نوع من التناقض.

رئيس هيئة الادارة
طارق زريقات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى