الملقي و اللبن في ثقافة العرب! / د . ناصر نايف البزور

الملقي و اللبن في ثقافة العرب!

من منظورٍ سيميولوجي استقرائي علمي، فلا شكَّ أنَّ العرب على مدى العصور ربَطَتهم وشائج نفسية، و وجدانية و ماديّة وطيدة باللبن!
فعندما أراد ربُّ العالمين ربط قلوب عرب الجاهلية بشكل خاص و البشرية بشكل عام بفكرة الثواب و النعيم الموعود، أخبرهم عزّ و جلّ في محكم التنزيل و سُنّة سيّد المرسلين عن أنهار العسل و أنهار اللبن التي تجري في الجنّة!
و عندما أراد المولى بيان بعض معجزات خلقه، ضرب مثلاً لنا باللبن خالصاً يخرج من بين فرث و دم!
و كان العرب عندما كانوا رجالاً لا يهابون المنايا يستخدمون تعبير “لبن السباع” للإشارة إلى تحدّي الصعاب!
بل و زادوا في تعلّقهم باللبن عندما هانوا و ضعفوا إلى استخدام تعبير “لبن العصفورة” لوصف استحالة المهمّة!
و قبل أمس خرج علينا دولة رئيس الوزراء في لقاءٍ متلفز رائع و تحدّث عن العديد من قضايا الوطن التي قد تنحصر جميعها بين ما ذُكِرَ آنفاً في استخدامات اللبن من توصيف “الإعجاز”، أو “تحدّي الصعاب” أو “استحالة المهمّة” أو “النعيم الموعود”!!!
لكنَّ المُلفت في لقاء دولة الرئيس كان استخدامه لكلمة اللبن عندما بيّن ضرورة حصول المواطن الأردني على بطاقة الأحوال الذكية الممغنطة؛ فأوضح دولته أنّ لهذه البطاقة الكثير من الفوائد الجسام و ذكر منها “ايصال دعم الخبز” للمواطن…. و هذا مفهوم رغم اشكاليته. لكنّه زاد و قال: “و ايصال دعم اللبن”!
فهل تنوي الحكومة الرشيدة حقاً دعم اللبن و العسل؟ أم ترى دولته استخدم تعبير “اللبن” في إشارة منه إلى أحلام الأردنيين بالجنّة الموعودة، أم المهمّة الشاقة في الإصلاح أم اليأس و القنوط من الواقع المرير؟!!!
لن أدخل في النوايا و التكهنات فأنا أعلم أنّ قلب دولة الرئيس صافٍ كاللبن و أنّ لسانه حلو كالعسل!!! وعلى رأي إخواننا المصريين: صافي يا لبن… و أظنُّ جواب الحكومة قد يكون بنفس اللهجة: حليب يا إشطة 🙂 و الله أعلمُ و أحكَم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى