بلا #مجاملة
د. هاشم غرايبه
نقاباتنا الأردنية، تقوم بواجبها في تنظيم المهنة وتطوير #الأداء، فباتت بيوت خبرة ومراكز تدريب للعمل #الديمقراطي، وفوق ذلك تقدم خدمات هامة، تسد فراغا كبيرا عجزت عنه المؤسسات الرسمية في مجال خدمة منتسبيها في مجالات التأمين الصحي والضمان الاجتماعي والتكافل والتقاعد.
ولما كانت هذه المكتسبات هامة، وخاصة في ظل تردي الأحوال المعيشية للمواطنين كافة، والذي يعود أساسا للفشل الإداري السياسي والفساد المحصن من المساءلة، لذا كان لزاما التمسك بهذه المؤسسات الناجحة، ومحاولة إنجائها من وصول الفساد والفشل إليها، حتى لا تؤول الى ما آلت إليه المؤسسات الرسمية التي تقدم الخدمات النظيرة.
من هنا ، ينبري النقابيون المتحمسون للعمل العام، تطوعا وعطاء، وليس تسلقا وانتهازية، ينبرون للدفاع عن محاولات اختراقها، والوصول الى قيادتها عبر الانتخابات، التي تجري دائما بصورة ديمقراطية نزيهة من حيث الإجراءات، ويتاح الوصول إليها للجميع.
هذا الحماس دافعه القلق على هذا الإنجاز الذي حققه جيل المؤسسين الأوائل، وحافظ عليه بأمانة وأضاف عليه وأنماه، الجيل الذي تلاهم، الذين يستحقون مسمى جيل البناة (والذي يشرفني انتمائي له)، لكي يوصلوه الى الجيل الحالي في أبهى صورة وأغزر عطاء.
وصلنا نحن أبناء الجيل الوسيط الى سن التقاعد المهني، لكننا لم نتقاعد من العمل الوطني المبني على الخدمة التطوعية، لذلك تبقى مشاركاتنا في النشاطات النقابية محدودة، ونترك شؤون الإدارة وهمومها اليومية لمن اخترناهم لإدارتها نقيبا ومجلسا، ولا نتدخل إلا في كل عام مرة، لمناقشة التقرير الإداري والمالي عن مجمل أعمال مجلس النقابة وإقرار الميزانيات، أو حين طلبهم المشورة والرأي.
لكننا نقطع عزلتنا النسبية هذه في موسم الانتخابات، لأنه يهمنا اختيار من سيحافظ على إرث النقابات الثمين ولا يفرط في منجزاتها، ويقلقنا كثيرا أن نرى من نعرفهم بتدني الكفاءة القيادية وهم يتصدون للعمل العام، أو أن نجد من المترشحين للانتخابات من يعتبرون العمل النقابي سلما يوصلهم الى المراكز الرسمية.
لذلك نعود الى المشاركة الفاعلة من خلال تشكيل قائمة قادرة على تلبية المتطلبات التي تكفل استمرارية نهج العمل التطوعي النزيه، القائم على المبدأ الأساس للعمل النقابي، وهو أن يسأل العضو نفسه: ماذا قدمتُ للنقابة، قبل السؤال عما تقدمه له النقابة من منافع شخصية ومكاسب فردية.
من خلال تجربتي خلال ما يقرب النصف قرن، توصلت الى قناعة أنه هنالك دائما في كل المجالات اصطفافان لا أكثر، مبنية على المبدأ الذي جاء به المعلم الهادي صلى الله عليه وسلم: “الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف”.
ودائما تبدأ الحملات الانتخابية بأطراف متعددة تحسبها جهات عديدة، لكنها تستقر في النهاية على اصطفافين اثنين، وكما في باقي الاصطفافات التي تتعدد بداية بسبب تناقض المصالح، نجدها في النهاية استقرت على فسطاطين اثنين لا ثالث لهما.
في انتخابات نقابتنا (نقابة أطباء الأسنان الأردنيين) التي ستجري الجمعة القادمة، نأمل أن يهدي الله الجميع للحفاظ على روح الزمالة التي جمعتنا دائما، وأن يعلموا أن أكثر ما يغضب الله شهادة الزور، فيحتكموا الى الضمائر حين التصويت، وليس الى العلاقات الشخصية أو الاصطفافات السياسية القائمة على تأييد الأنظمة الفاشلة، والتي ما أنجزت يوما شيئا أفاد الأمة، نجاحها الوحيد كان في تدمير أوطانها وتهجير شعوبها.
حفظ الله مؤسساتنا العريقة، وألهمنا دائما اختيار الصادقين المخلصين لإدارتها وإدامتها.