#بغداد وفصل الخطاب
#محمود_أبو_هلال
عربي العِرق أنا.. ولدت وتعلمت وكبرت على أني من أمة لو صب الجحيم عليها صبا لا بد وأن تعود وتنهض. جزمت بأن المتنبي رب الشعر، وأحببت مظفر النواب وقدرته على تحريك النوازع القومية في عروقي.
أكثر أياما ألما كان #يوم_سقوط_بغداد. كان عقلي يدربني على هزيمة وقلبي يرفض أن يصدق عقلي وهذا مرض مازال يعذنبي ولا أحب أن اعالجه.
بقيت تلك الليلة حتى الفجر ورأيت الأمريكي يعلق رايته على تمثال صدام الذي كنت أعتبره ديكتاتورا ظالما، ثم أصبح بطلا لا أطيق أن يمس أحد صورته.. خرجت إلى الشوارع وكانت خالية لا شيء يتحرك ولا شيء في داخلي سوى الجوع ودخان التبغ.
بكيت كما يبكي طفل فقد أبويه.. لا أعرف من أين استدانت المآقي ذاك الدمع الإضافي.
عدت إلى البيت بحدود الثامنة ودخلت إلى بيت أبي الذي نظر إلي وقال: نحن عرب ولدينا القرآن نتيه عنه ونعود وننتصر.
آاه يا حسن كنت احبك وكرهتك ثم اكتشفت أني أحبك، وبيني وبينك عاطفة لا فكر.. فالفكر يرهق إذا دخلت فيه مفاهيم الاستراتيجيا واللغو.
أول ذكرك في خاطري يوم تفجير مقر المارينز.. كنت حينا لا أفهم كثيرا بين المقاومة والاستشهاد، وغفلت حتى سقطت بغداد وكأني مُت.حتى إذا جاء تموز 2006 ولدت وتذكرت حديث أبي وشعرت أنني أصبحت رجلا على غفلة.
لقد بقيت يا سيد حسن أمامي تخطب بلثغتك الحلوة كانك طفل كبير بلحية، ولكن عقلك كان مبهرا
فلما ثُرنا لم أجدك معنا، وجدتك تقتل السوريين بنشوة غاشمة فكرهتك ومحوت قناتك من مشهدي واستعدت خرافات الطائفية التي لم تقنعني يوما، لأعيش ضدك، لا معك.
لقد حسبتها بآلة حاسبة وكنت على الجبهة الخطأ، واستهلكت رجالك في غير جبهتهم فأبكيتنا مرتين.
لن نتفق على هذا في مماتك لاننا لم نتفق عليه في حياتك. والله وحده من يحسن تقدير الضرر.
ثم كان الطوفان فلم تتخلف عن المعركة، وأنت تعلم أن الغرب الأطلسي بقضه وقضيضه شريك في هذا العدوان، وتعلم أن أثمانا كبيرة وغالية ستدفع. فما تراجعت حتى وصلت الطائرة الغاشمة ونالت منك. فأنا الآن أرثيك وبي اضطراب من حب جارف ومن أمس حارق. أكتب إليك متألما لموتك وبي شعور بان كتفي قطعها جزار مجرم.
لقد أكبرناك حتى صار موتك هزيمة.. فما بالك بالاستنئناف دونك.
أنا حزين عليك.. لقد عدت أحب لثغتك وفصل الخطاب في خطابك.
آاه يا سيد حسن..
لن أسالك الآن لماذا وأنت الآن بين يدي الله. لقد حاربت على جبهة الباطل وعلى جبهة الحق، واثخنت في عدونا وعسى الله أن يشفع لك بهذه عن تلك.
ساحتفظ لك بحب سري إن كشفته حاربني الوهابيون، وإن أفرطت فيه ظن أنصارك أني منهم، وأنا من تحرر بعقل بسيط من المذهبية.. أنا محمدي قبل الخلافة والإمامة.
شهداء المقاومة خسارة كاسرة للظهر. وموتك انتصار آني لصالح الكيان والغرب الاستعماري المتصهين بعد أن تم الإثخان في غزة وتهيئة وضع عربي تم التأكد أنه مات منذ سقوط بغداد.
بعد أن بثثت بعض حزني وألمي لن أخرج الليلة لأهيم في الشوارع ولكن سأعتكف في بيتي، أصلي وأدعو لك عسى الله أن يغفر لي ولك.. فالله أعلم بالسرائر وهو الرحمن الرحيم.