صفات القائد الإداري الناجح

#صفات #القائد الإداري #الناجح
موسى العدوان

يقول الدكتور السعودي غازي القصيبي – رحمه الله – في كتابه ” حياة في الإدارة ” ما يلي وأقتبس بتصرف :
” هناك ثلاث صفات لابد من توفرها في القائد الإداري الناجح، الأولى صفة عقلية خالصة، والثانية صفة نفسية خالصة، والثالثة مزيج من العقل والنفس. ولعل القارئ عندما ينتهي من قراءة هذا الجزء سيدرك أن كثيرا من النقاش الذي يدور حول الإدارة هو نقاش لفظي عقيم. لا يهم أن تكون الإدارة علما أو فنا، فالفرق بين العلم والفن مسألة تتعلق بالتعريف أكثر من تعلقها بالجوهر.
ولا يهم أن يولد الإنسان إداريا، أو يكتسب المقدرة الإدارية من التجربة، فما يعنينا هو النتيجة النهائية. ولا يهم أن يكون الإداري واسع الثقافة أو متوسطها، فالموضوع لا يبدأ وينتهي بالثقافة. ولا يهم أن يكون الإداري هادئ الأعصاب أو متوترها، سمح الأخلاق أو شرسها، ثقيل الظل أو خفيف الدم، محبوبا أو مكروها، فكل هذه صفات تهم الإنسان، ولكنها لا تهم الكائن الإداري. لا يهم عندما يتعلق الأمر بالقيادة الإدارية سوى الصفات الثلاث التالية :
• الصفة الأولى – العقلية، وهي القدرة على معرفة القرار الصحيح. يبدو أن هذا الشرط بديهي، إلاّ أنه عند التأمل ليس بالبديهي. كثير من الإداريين تغيم لديهم الرؤية، وتلتبس الأشياء، فتنعدم القدرة على تمييز القرار الصحيح من القرار الخاطئ. لابد هنا أن نتذكر أن الأمور في الإدارة وخارج الإدارة، نادرا ما تظهر باللون الأبيض أو باللون الأسود.
في الإدارة كما في السياسة، كثيرا ما يكون القرار الصحيح، هو الخيار الأقل سوءا بين خيارات سيئة كلها. البشر بفطرتهم السوية، يستطيعون التفرقة بين الخير والشر، إلاّ أن القرارات الإدارية لا تجيء مرتدية لباس الخير المطلق أو الشر المطلق.
• الصفة الثانية المطلوبة – النفسية، وهي القدرة على اتخاذ القرار الصحيح. ما أكثر القرارات التي يعرف صانع القرار الإداري أنها صحيحة، ولكنه يعجز عن اتخاذها خوفا من العواقب. إذا كانت الحكمة جوهر الصفة الأولى، فالشجاعة هي جوهر الصفة الثانية. لا يجهل أحد على سبيل المثال، أن السخاء والشجاعة خصلتان حميدتان، ولا يجهل أحد كما قال المتنبي أن ( الجود يفقر والإقدام قتال ). لا يخفى على أي وزير أن القرار الذي يخدم مصالح الأغلبية، أفضل من القرار الذي يخدم مصالح الأقلية، ولكن معرفة القرار الصحيح، لا تعني القدرة على اتخاذه. عباقرة المنظرين المثرثرين المفسرين، يندر أن يكونوا قادة إداريين. لأنهم لا يملكون الشجاعة الكافية لاتخاذ القرار الصحيح.
• والصفة الثالثة المطلوبة – وهي مزيج من الصفة العقلية والنفسية، هي القدرة على تنفيذ القرار الصحيح. نستطيع أن نجد في كل وزارة، بل في كل إدارة مقبرة واسعة، تضم القرارات الصحيحة التي اتخذت ولم تنفذ. الحكمة إذن لا تكفي ولا الشجاعة، لابد من صفة ثالثة هي المهارة. إن أحكم الناس ليس بالضرورة أشجعهم وأحكمهم، وأشجعهم ليس بالضرورة أمهرهم.
والمهارة المطلوبة لتنفيذ القرار الصحيح، لا تتخذ شكلا واحدا بل ألف شكل، لا يكاد يتشابه قراران في وسائل التنفيذ. هذه المهارة تشمل ضمن ما تشمل، القدرة على إنشاء لوبي فعال واستخدامه، القدرة على التحفيز، القدرة على شرح القرار، والقدرة على إزالة كل عقبة تقف في الطريق، وتتطلب الكثير الكثير من الصبر والدأب “. انتهى الاقتباس.

  • * *
    التعليق :
    لو تأملنا في القرارات الإدارية التي تصدر عن حكوماتنا المتعاقبة، لما وجدنا معظمها يتوافق مع شروط النجاح، التي تحدث عنها القصيبي. فكم من قرارات صدرت وكانت نتائجها سلبية على الوطن، ومضرة بمصالح المواطنين. وبدل أن تعدله أو تلغيه الحكومة، فإنها نواصل تطبيقه، ولا ترتدع عن تكرار قرارات مماثله في وقت لاحق.
    التاريخ : 17 / 1 / 2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى