بشرى سارة لعدونا
ها نحن على حافة تقاسم عربي خليجي جديد برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وبمباركة ورضى زعماء بعض الدول الخليجية والعربية، ها هي حماس المُقاومة للعدو الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية العربية باتت في عيون البعض منظمة إرهابية ويجبُ علينا محاربتها بشتى الطرق، وها هي الدولة الصهيونية تُسجل انتصاراً جديداً قُدم لها على طبق من ذهب، لا سيما وأنها المستفيد الأول مما هو حاصل على الساحة العربية من تناحر وتباعد وفشل في الوقوف صفاً واحداً أمام ما يواجه الأمة من مخططات لهدمها وطمّسها وقتل شعوبها والاستيلاء على أرضها.
منذ زيارة ترمب للمنطقة وسلبهِ أمام أعيننا للمبالغ الكبيرة المهُداة والاستثمارية والتي حققت لشعبه الوظائف كما غرد على تويتر ومن ثم زيارته لتل أبيب ولقائه رئيس الدولة الصهيونية، أدركتُ أن هناك بشرى سارة لإسرائيل أيضاً والتي باتت صاحبة الدار ومن أهل الديار، فهي مطمئنه آمنه ليس بمقدرو أحد أن ينظر لها نظرةٍ قد لا تعجبها، وإن تجرأ أحد على فعل ذلك فسيُقاطع ويُحارب وسيُعزل تماما كما فعلت بعض الدول العربية مع دولة قطر التي هي عربية الجذور، وليست مُحتلة أو عدوّه لتُقدم تلك الدول على إجراء عجزت عنه منذ ستين عاما من أن تتخذه بحق دولة إسرائيل المُحتلة لأرضٍ عربية ومن أهدافها أن تتوسع وتحتل المزيد من الأراضي العربية، وليس ثمة دول عربية لا يحتضنُها ذلك المخطط فأين أنتم يا رعاكم الله، ولماذا لم تطردوا سفراء إسرائيل من عواصمكم وتقاطعوها وتحاصروها بدلاً من شقيقتكم قطر.
هل بات من يدافع عن الحق الفلسطيني إرهابي ويجب تصفيته، إذن وفي ظل صمتكم كعرب وقتلكم للمقاومة الداخلية الفلسطينية فمن سيدافع عن فلسطين ويُحارب عدوها ويطالب بحقوقها.
السعودية، الإمارات، البحرين، مصر، وغيرها من الدول التي قاطعت قطر لم تفكر مجرد تفكير بقطع العلاقات مع دولة الصهاينة، واكتفت على مر الستين السنة الماضية بالشجب والاستنكار أمام أعمال الإجرام الذي يقوم بافتعالها جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل ويُشرد وينتهك بغير وجه حق، فليس قتلُ الطفل الفلسطيني إرهاب، وليس هدم البيت الفلسطيني وقذفه وأهله إرهاب، أليس ما يحصل في فلسطين منذ سنوات طويلة ولا يزال إرهاب، أم كيف تنظرون له؟!
أنا لستُ ضد دولة ومع اُخرى، لستُ ضد المملكة العربية السعودية ومن تبعها في قرار المقاطعة مع أنني رافض لهذا الإجراء القاسي بحق دولة عربية شقيقة لم تقم بما قامت به إسرائيل الدولة، إذ إنها تفعل ما تشاء في ظل عدم وجود رادع يردعُها ولا قرار صارم جاد يُخيفها، ولستُ مع دولة قطر إن كانت فعلاً داعمة وراعية للإرهاب، وهنا لن أتحدث عن سياسات دولة داخلية.
ولكني سأذكر حماس التي صنفتها الولايات المتحدة الأمريكية بأنها منظمة إرهابية ويجب محاربتها كما محاربة داعش، فبادرت تلك الدول العربية بالضغط على قطر ومطالبتها بوقفِ دعمها وعدم احتضانها لها، وهنا الاستغراب من هذه الخطوة، فهل بات من يدافع عن الحق الفلسطيني العربي إرهابي ويجب تصفيته ومضايقته والتخلي عنه، فإذن وفي ظل صمتكم كعرب وقتلكم للمقاومة الداخلية الفلسطينية فمن سيدافع عن فلسطين ويُحارب عدوها ويطالب بحقوقها.
أنا وكثيرون من أبناء الشعوب الدول العربية ضد هذه البشرى السارة التي أهديتموها لعدونا الذي لم يعد عدوكم، نحن أيضاً ضد مقاطعة دولة عربية إسلامية في هذا الشهر الكريم وأيامه المباركة، ضد التخلي عنها وضدها إن كانت على خطأ فثمة إجراءات غير المقاطعة وثمة بيت خليجي عربي داخلي وطاولة حوار يُناقش عليها كل ما يتطلب المناقشة والخروج بحلول مُرضية تكفل لكل دولة سيادتها، والأهم من ذلك أنها توحدنا أمام كل ما يُحاك ضد هذه الأمة التي ما عادت تحتمل مزيدا من الانشقاقات والانقسامات.
أنا وإن كنت عاجزاً عن الحركة ولكني لستُ عاجزاً عن النطقِ بكلمة الحق التي لا أظن أنها تُحابي دولة على اُخرى، ولا تُمجد سياسة وتنتقد اُخرى، فكلنا في نهاية المطاف عرب، وكلنا إخوة وأبناء أمة واحدة، فكلمة الحق تقول إنه كان من الأولى أن يُتخذ مثل هذا القرار منذ زمنِ في حق دولة الصهاينة المحتلة لا في حق دولة عربية شقيقة كقطر، فلماذا هديتُكم لهم لم تكن لنا