في ظلال اية

في ظلال اية
د. عبدالله البركات

كنت اتسأل لماذا لم يفرض الاسلام الاشتراكية والتماثل في العيش على المسلمين ؟ لماذا لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح قوت المدينة ثم يقسمه بالتساوي على سكانها؟
ولقد وجدت الجواب المكثف هو في قوله تعالى ” ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32﴾. [ سورة الزخرف
وانا أرى انه في تفصيل شرح هذه الاية ما يجدر ذكره .ولا اعلم هل ذكره احد قبل هذا في معرض شرح هذه الاية.
وذلك ان سبب تطور الناس هو تفاوت قدراتهم المالية.بل ان غناك اليوم هو مقدمة ضرورية لغناي انا غدا. فتوفر المال لديك يجعلك قادرا على ان تقدم منه الي ما يقيم اودي الى ان تنضج قدراتي التي لا تملكها انت والتي ستغير البيئة الاجتماعية من حول الجميع. فطالب مجتهد مميز فقير يعمل في جزء من وقته لدى غني الى ان يبدأ هو بالانتاج واستغلال قدراته , فإذا به يحرز من الغنى ما لم يحرزه رب عمله في الامس بل يسهم في تحسين قدرات رب عمله ذاك.
وقد كان غنى الامراء والقادة في عواصم الامم سببا في استقدامهم اغلى النباتات وانفعها وزراعتها في حدائقهم وما لبثت تلك النباتات والاشجار ان انتشرت زراعتها من طبقة الى طبقة نزولا الى افقر الطبقات مما وفر مصادر جديدة للغذاء والدواء التي كانت حكرا على الطبقة الغنية في بداية امرها. ولو كان كل الناس بقدرة مالية واحدة لم تمكن احد منهم استيراد تلك النباتات والاشجار , ولبقيت البيئة الزراعية والاجتماعية افقر.
بل المثال الاقرب والذي نعيشه اليوم هو هذه الاجهزة الكهربائية والاليكترونية والتي لم يكن احد يستطيع شراءها الا ابناء الطبقة الغنية. بينما اليوم نرى الهاتف الخلوي بين يدي حتى افقر الافراد. فزيادة الطلب على السلعة يرخصها ولا يغليها كما تقول نظرية العرض والطلب التي هي صحيحة فقط في حال وجود كمية محدودة وهذه حالة مؤقته لا تلبث ان تتغير الى فتح مصادر وافاق جديدة للانتاج . وهذه الاجهزة لا تتيح فقط للفقراء ما لم يحلموا به , بل تقدم للاغنياء انواعا اكثر تطورا والتي هي بدورها تنتقل الى الطبقات الاقل ثراءا وهكذا دواليك.
الا ان كل ذلك لا يمنع التشارك في النوازل كما في حديث أبي موسى قال: قال رسول الله ﷺ: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم[1]، متفق عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى