ايمه … بوظه / حسين محمود حشكي

ايمه … بوظه
حسين محمود حشكي

نعزف أغنية الحياة بناي لايصدر الحاناً الا عندما يكون مفتوحاً من الطرفين فذاك يطل على الماضي وهذا يعزف للحاضر لتمضي الحياه …
( ايمه … بوظة ) أستمحيكم عذراً أبنائي الأعزاء فلن تفهموا كيف بدأت حديثي بعنوان مبهم ، لكن جيلاً بأكمله سوف تلمع في ذهنه صورة وقد يسيل لعابه أو قد تتسلل إلى أنفه رائحة افتقدها منذ أمد طويل .. لقد وصل بائع الايمه البوظة ( الآيسكريم ) يحمل على كتفه صندوقاً مربعاً بحبل يمكنه من حمله على كتفه ، وعلى جانب الصندوق قطع من البسكوت المخروطي مرصوصة بعضها فوق بعض بصورة متداخله .
يوقفه أحد السعداء الميسورين فيباشر عمله بإنزال صندوقه ثم يلف الغطاء العلوي فينفتح الصندوق وتهب منه رائحة معطرة بفاكهة لانملك الكثير من الخبرة كي نعرف نوعها ، لكنها رائحة نتلذذ بانسكابها في أنوفنا.
ثم يسحب (قرطوسا)كما كنا نسميه ويتناول ملعقته المسطحة كمن يستل سيفاً من غمده ، ونحن نرقبه بلعاب يسيل ، ولسان يخرج باستحياء ليمر فوق الشفاه يبللها ، بينما يقوم البائع بغمر يده في صندوقه السحري المعطر ، ويحركها يمنة ويسرة فتلتصق بها كتلة هلاميه ملونة يلصقها بأنامل فنان كأنه ينحت (بجماليون ) ، ثم يدورها بين اصابعه وبعينيه متفقداً جميع أطرافها وتدور رؤوسنا معه وهو يلفها كي يوزع محتويات ملعقته بانتظام فوق فوهة ( القرطوس ) ، ثم يمسدها عن الأطراف لتبدو مثل جبل من اللذة ، وسفح هو السعادة إن بحثنا عن تعريف للسعادة .
يتناولها صاحب السعادة والبائع النحات مازال يرقبها كأنما يطمئن على لمساته الاخيرة قبل أن يباشر صاحبها بالتجول بلسانه على سفح جبل المتعة هذا ، ونحن نرقبه يدور بقرطوسه ( البلارينا) بينما لسانه يلاحق كل قطرة تسيل من هنا أو هناك يتتبع سيلان البوظة من كل الجوانب فلا يفوته منها قطرة ويلاحقها إن سقطت بين أصابعه فيلثمها …
ربما كنا نلاحقه بأعيينا وربما كان اللسان في الحلق يتبع الخطوات ، بينما نحرص على البقاء قريباً من صاحب السعادة ندور حوله عله يطلب شريكاً باللحس أو قد يمن علينا بقطرة من بعض بقاياه ،، وسرعان مايختار أقرب أصدقائه ليقدم له لحسة من قرطوسه فتأخذه الى عالم آخر ، ويغرس الصديق طرف لسانه بقوة في سفح هذا الجبل الهلامي عساه يحظى بكتلة أكبر ( تلغمط ) شفتيه فيصيب من المتعة مايشتهي .. لكن صاحب السعادة يتنبه للمخطط وسرعان مايسحب القرطوس بسرعة واحترافية عالية تمنعه من الغوص أكثر من ذاك الخط الذي قرره لك ..
يرجع إلى الوراء ويغمض عينيه ليستشعر الانتعاش واللذه ،،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى